هل ما يصيب المسلم من هم بسبب عيب الناس له كفارة لذنوبه وله أجر غيبتهم له

0 222

السؤال

أعاني من رائحة كريهة تخرج مني, وقد حاولت علاجها بطرق عديدة ولم أستطع, وهناك من يغتابني, وهناك من يتكلم أمامي عن الرائحة الكريهة - وهو يقصدني - لكنه يتكلم بالتعريض, ويكونون مجموعة في المجلس مثلا, ويضحكون ويستهزئون بمن رائحتهم كريهة, فهل كلامهم - سواء كانوا أناسا تأذوا من رائحتي أو غيرهم - يكفر عني ذنوبي؟ وهل لي أجر من غيبتهم لي؟ وهل كلامهم في وفي رائحتي غيبة؟ - لأنها في فعلا, وأنا أعاني منها - وهل يجوز أن أقول: "حسبي الله ونعم الوكيل فيهم"؟ وأن أدعو الله أن يبتليهم مثلي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فمن ذكرك في غيبتك بما تكرهين فقد اغتابك، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته. رواه مسلم, فكل ما يكره المسلم أن يذكر به فهو غيبة لا تجوز، وانظري الفتوى: 6710.

أما عيبك أمامك فليست بغيبة، ولكنه سخرية و استهزاء، وهو محرم أيضا، كما قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون {الحجرات:11}، وراجعي الفتويين: 121875 - 15186.

وما يدخل عليك من الغم بسبب الغيبة والاستهزاء بك تكفر به ذنوبك - بإذن الله تعالى - كما قال صلى اله عليه وسلم: ما يصيب المسلم، من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن, ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه. متفق عليه.

ومن اغتابه أحد أو استهزأ به: فإنه يأخذ من حسناته في الآخرة - إن لم يتب - لما جاء في حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار أخرجه مسلم

ويجوز لك الدعاء على من اغتابك واستهزأ بك؛ لأنه ظالم لك، لكن الدعاء على الظالم قصاص، يكون على قدر ظلمه، دون زيادة، قال القرافي: وحيث قلنا بجواز الدعاء على الظالم فلا تدعو عليه بمؤلمة من أنكاد الدنيا لم تقتضها جنايته عليك، بأن يجني عليك جناية فتدعو عليه بأعظم منها فتكون جانيا عليه بالمقدار الزائد، والله تعالى يقول: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى. {البقرة:194}, ولا تدعو عليه بملابسة معصية من معاصي الله تعالى, ولا بالكفر صريحا أو ضمنا. اهـ. وانظري الفتوى رقم:  20322.

والأولى لك العفو عمن ظلمك، كما قال سبحانه: وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين {الشورى:40}، وكما قال سبحانه في ذكر خصال المتقين: والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين {آل عمران:134}، وراجعي الفتاوى: 54580.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة