الإلحاح في السؤال عما يخفيه الشخص نوع من التجسس

0 188

السؤال

كان أحد أصحابي كثير التوتر والخوف، وبعد مضي ثلاثة أشهر سألته ما بك وما هو الشيء الذي يجعلك تتوتر؟ وأصررت عليه لكي أعرف وقلت له لا تجهر بالمعصية، فقال لي إنه لن يقدر على السفر ولا الزواج وقد انتهت حياته، فنصحته باللجوء إلى الله، وسألته في اليوم الثاني ما الذي فعلته؟ وما هي الأسباب التي أدت لذلك؟ فقال إنه يظن أنه مصاب بمرض ال AIDS وهو خائف ونادم وسألني عن كيفية التوبة، ففهمت ما فعله ونصحته، فهل يعتبر إصراري وسؤالي عن حالته معصية بما أنه جهر بالمعصية؟ وما كفارتها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكان ينبغي عليك أن تعرض عن التفتيش عما كان يخفيه صاحبك، وأن لا تحرص على الاطلاع عليه، ولو كان ذلك بسؤاله مباشرة، فإن هذا الحرص والسؤال على هذا النحو ضرب من التجسس الذي نهانا الله عنه، فقد قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم {الحجرات:12}.
قال مجاهد: خذوا ما ظهر ودعوا ما ستر الله عز وجل. انتهى.
وقال سفيان: ولا تجسسوا {الحجرات: 12} قال: البحث. انتهى.

قال السعدي: ولا تجسسوا ـ أي: لا تفتشوا عن عورات المسلمين، ولا تتبعوها، واتركوا المسلم على حاله، واستعملوا التغافل عن أحواله التي إذا فتشت، ظهر منها ما لا ينبغي. انتهى.

وقال في عون المعبود عند قوله صلى الله عليه وسلم: لا تجسسوا ـ أي لا تتعرفوا خبر الناس بلطف كما يفعل الجاسوس. انتهى.
فهذه الإطلاقات تفيد أن التجسس لا يشترط فيه أن يكون من وراء من تجسس عليه، ويضاف إلى ذلك أن هذا التجسس هو ثمرة سوء الظن الذي نهينا عنه، قال القاسمي في تفسيره: ولما كان من ثمرات سوء الظن التجسس، فإن القلب لا يقنع بالظن، ويطلب التحقيق فيشتغل بالتجسس، ذكر سبحانه النهي عنه، إثر سوء الظن لذلك، فقال تعالى: ولا تجسسوا. انتهى.

وقال القرطبي: إذا كان المظنون به ممن شوهد منه الستر والصلاح، وأونست منه الأمانة في الظاهر، فظن الفساد به والخيانة محرم، بخلاف من اشتهره الناس بتعاطي الريب والمجاهرة بالخبائث. انتهى.

وأما كفارة ذلك فتكون بالستر على صاحبك، وبالتوبة التي أشارت إليه الآية السابقة: ...واتقوا الله إن الله تواب رحيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة