سبب أمر النبي المسيء صلاته بالإعادة وعدم أمر من تكلم فيها بالإعادة

0 236

السؤال

لماذا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الرجل الذي سلم عليه بعد أن رد عليه السلام أن يرجع فيصلي وقال له: ارجع فصل فإنك لم تصل ـ ثلاث مرات، ثم أخبر الرجل النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: والذي بعثك بالحق يا رسول الله ما أحسن غيره، فعلمني ـ فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم، مع العلم أن الرجل لم يكن يعلم هذا الخطأ: وفي المسألة الأخرى أنه لم يأمر الرجل الذي لم يكن يعلم أيضا عندما عطس في الصلاة معاوية بن الحكم السلمي، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطس رجل من القوم، فقلت يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت واثكل أماه، ما شأنكم تنظرون إلي؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فعرفت أنهم يصمتوني، فقال عثمان: فلما رأيتهم يسكتوني سكتت، قال فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ بأبي وأمي ـ ما ضربني ولا كهرني ولا سبني، ثم قال: إن هذه الصلاة لا يحل فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ـ أو كما قال رسول الله صلى الله عليه، فهذان الرجلان لم يكونا يعرفان، فلماذا أمر الأول بإعادة الصلاة ولم يأمر الثاني؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر المسيء صلاته بإعادتها، لأنه ترك ركنا من أركان الصلاة التي لا تصح إلا بها, وأما معاوية بن الحكم السلمي فإنه لم يترك ركنا، وإنما فعل مبطلا جاهلا بكونه مبطلا, وقد كان الكلام في الصلاة مباحا أول الأمر، كما في حديث زيد بن أرقم قال: كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت: وقوموا لله قانتين ـ فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام. متفق عليه.

ففرق بين الأثر المترتب على ترك المأمور به وبين الأثر المترتب على فعل المحظور, وقد أخذ الفقهاء من هذا أن ترك الأركان لا يعذر فيه بالجهل من حيث لزوم الإعادة، بخلاف فعل المحظورات، فإنه يعذر فيه بالجهل, قال أبو عبد الله الزركشي ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه المنثور في القواعد: الجهل والنسيان يعذر بهما في حق الله تعالى المنهيات دون المأمورات، والأصل فيه حديث: معاوية بن الحكم، لما تكلم في الصلاة ولم يؤمر بالإعادة لجهله بالنهي، وحديث: يعلى بن أمية حيث أمره النبي صلى الله عليه وسلم بنزع الجبة عن المحرم ولم يأمره بالفدية لجهله، واحتج به الإمام الشافعي ـ رضي الله عنه ـ على أن من وطئ في الإحرام جاهلا أو ناسيا، فلا فدية عليه، والفرق بينهما من جهة المعنى: أن المقصود من المأمورات إقامة مصالحها وذلك لا يحصل إلا بفعلها، والمنهيات مزجور عنها بسبب مفاسدها امتحانا للمكلف بالانكفاف عنها، وذلك إنما يكون بالتعمد لارتكابها ومع النسيان والجهالة لم يقصد المكلف ارتكاب المنهي، فعذر بالجهل فيه. اهــ.
وانظر أيضا كلام ابن القيم عن هذا في الفتوى رقم: 142611.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة