للزوج ارتجاع المطلقة رجعيًّا في العدة

0 302

السؤال

في حال غضب شديد، وعدم وعي مني، ألقيت يمين الطلاق، بتاريخ 22/2/2000، وبعد مراجعة السادة العلماء، وفي تاريخ 29/4/2000 أعلمتها بردها إلى عصمتي بواسطة الهاتف والفاكس؛ لأني في دمشق، وهي في مونتريال، وعند عودتي بتاريخ 13/6/2000 وجدتها قد غادرت المنزل، وترفض العودة إليه، مدعية أنها مطلقة، وتطالب بكامل الحقوق التي يمنحها القانون الكندي، خلافا للشريعة الإسلامية، فما الحكم في هذه الحالة؟ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا راجع الزوج مطلقته طلاقا رجعيا في عدتها؛ فإنها تعود زوجة له شرعا، ولا يشترط لصحة الرجعة علمها بها، ولا موافقتها عليها؛ ذلك أن المطلقة طلاقا رجعيا في حكم الزوجة؛ فزوجها أحق بها ما دامت في عدتها؛ فالزوجية قائمة بينهما حكما، وآثارها المترتبة عليها -من إرث، ووجوب نفقة، وغير ذلك- باقية، قال الله تعالى: وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا {البقرة:228}، يقول القرطبي في تفسيره للآية: أجمع العلماء على أن الحر إذا طلق زوجته الحرة، وكانت مدخولا بها تطليقة أو تطليقتين، أنه أحق برجعتها، ما لم تنقض عدتها، وإن كرهت المرأة.

وعليه؛ فإذا كان الطلاق الذي أوقعته رجعيا بأن كان الأول أو الثاني، وكان ارتجاعك لزوجتك قبل انقضاء عدتها؛ فهي زوجة لك شرعا، ولا أثر لرفضها لذلك.

وإذا امتنعت من طاعتك وإعطائك الحقوق الزوجية؛ فإنها تعد ناشزا.

أما إذا كان الطلاق هو الثالث، أو كان الارتجاع وقع بعد انقضاء العدة، فلا سبيل لك عليها، وقد خرجت بذلك من سلطانك، ولها الحق في الامتناع من الرجوع إليك.

وفي الأخير: نوصيكما بتقوى الله تعالى، والاحتكام إلى شرعه العادل، الذي يحفظ لكل منكما حقوقه، وتراعي أحكامه المصالح الشرعية لكل أطراف النزاع.

وليبذل كل منكما وسعه في المحافظة على دوام العشرة بالمعروف، ولن يتم ذلك إلا بأن يجتهد كل منكما أن يؤدي الحق الذي عليه للآخر، وأن يتغاضى عما يمكن التغاضي عنه من حقوقه.

ونذكر الزوجة، وغيرها من أخواتنا المسلمات، بوجوب الانقياد لحكم الله تعالى، والاستسلام له؛ فالله عز وجل يقول: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم {الأحزاب:36}، ويقول: إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون {النور:51}.

فالحقوق والواجبات التي جعلها الله في أعناقهن، لا تبرئهن منها المحاكم الوضعية، ولا القوانين المسلطة.

فما تعطيه القوانين الوضعية لهن، أو لغيرهن مما ليس لهن شرعا، لا يحل لهن، بل الحقوق التي يعطيها الحاكم الشرعي لمدعيها بسبب قوة حجته، وقدرته على دحض حجة خصمه، حرام؛ فحكم الحاكم الشرعي لا يحل حراما، فما بالك بالحاكم الوضعي؟! فالنبي صلى عليه وسلم -وهو الذي يوحى إليه- يقول: إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا، فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار. أخرجه البخاري ومسلم من حديث أم سلمة -رضي الله عنها-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة