الحَـسْب لا يكون إلا لله تعالى فقط

0 310

السؤال

ما حكم قول: حسبي الله والنبي على كل ظالم ومعتد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه لا يجوز تشريك النبي صلى الله عليه وسلم في الحسب.

قال ابن القيم رحمه الله في تفسيره، لقول الله تعالى: يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين [الأنفال:64]. كما في زاد المعاد (1/36): وفيها يعني: من اتبعك تقدير رابع، وهو خطأ من جهة المعنى، وهو أن تكون من في موضع رفع عطفا على اسم الله، ويكون المعنى حسبك الله وأتباعك، وهذا إن قاله بعض الناس فهو خطأ محض لا يجوز حمل الآية عليه، فإن الحسب والكفاية لله وحده كالتوكل والتقوى والعبادة، قال الله تعالى: (وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) [الأنفال:62].

ففرق بين الحسب والتأييد، فجعل الحسب له وحده، وجعل التأييد له بنصره وبعباده، وأثنى الله سبحانه على أهل التوحيد والتوكل من عباده، حيث أفردوه بالحسب، فقال تعالى: (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل) [آل عمران:173]. ولم يقولوا حسبنا الله ورسوله، فإذا كان هذا قولهم، ومدح الرب تعالى لهم بذلك، فكيف يقول لرسوله: الله وأتباعك حسبك، وأتباعه قد أفردوا الرب تعالى بالحسب، ولم يشركوا بينه وبين رسوله فيه، فكيف يشرك بينهم وبينه في حسب رسوله؟!! هذا من أمحل المحال، وأبطل الباطل، ونظير هذا قوله تعالى: (ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون) [التوبة:59].

فتأمل كيف جعل الإيتاء لله ولرسوله، كما قال تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه) [الحشر:7]. وجعل الحسب له وحده، فلم يقل: حسبنا الله ورسوله، بل جعله خالص حقه، كما قال تعالى: (إنا إلى الله راغبون) [التوبة:59]. ولم يقل: وإلى رسوله، بل جعل الرغبة إليه وحده، كما قال تعالى: (فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب) [الشرح:7-8]. فالرغبة والتوكل والإنابة والحسب لله وحده، كما أن العبادة والتقوى والسجود لله وحده، والنذر والحلف لا يكون إلا لله سبحانه وتعالى، ونظير هذا قوله تعالى: (أليس الله بكاف عبده) [الزمر:36].

فالحسب هو الكافي.. فأخبر سبحانه وتعالى أنه وحده كاف عبده، فكيف يجعل أتباعه مع الله في هذه الكفاية، والأدلة الدالة على بطلان هذا التأويل الفاسد أكثر من أن نذكرها هنا. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة