حكم القسم عبر حديث النفس دون تلفظ

0 492

السؤال

من قال في نفسه, ولم يتلفظ, إنه يقسم أن لا يفعل شيئا معينا, وأراد أن يمنع نفسه من هذا الفعل, ولكن دون قصد التلفظ باليمين, وقال: إني أقسم, ولم يكمل كلامه, فهل هذا يعتبر يمينا؟ مع أنه تلفظ به بغير قصد أن يقوله, وغلبة الظن أنه فعل ما أقسم على أن لا يفعله, فهل عليه كفارة في هذه الحالة؟ وهل من قال في نفسه - ولم يتلفظ به, وكان مع إرادة الشخص, أو دون إرادته - إذا فعل شيئا معينا, أو إذا لم يفعل شيئا معينا أنه سيكون كافرا, فهل إذا نقضه يكفر؟ وهل عليه كفارة؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فهذا السؤال يتضمن عدة تساؤلات متداخلة, وغامضة أحيانا.

أولا: من قال في نفسه ولم يتلفظ به أنه يقسم فجوابه أن اليمين لا تلزم إلا إن تلفظ بها، أما العزم عليها, أو حديث النفس بها فلا يلزم منه شيء؛ لما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت أنفسها, ما لم تتكلم, أو تعمل به.

ثانيا: ولكن بدون قصد تلفظ باليمين .. جوابه أن اليمين إذا جرت على اللسان, وتلفظ بها من دون قصد فإنها تعتبر من لغو اليمين الذي قال الله تعالى عنه: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان {المائدة:89}.

ثالثا: وقال: إني أقسم ولم يكمل كلامه هل هذا يعتبر يمينا جوابه أن من لم يكمل قسمه, ولم يذكر المقسم عليه فإن اليمين لم تنعقد لعدم تمامها, ولفقد أحد أركانها وهو المقسم عليه.

رابعا: مع أنه تلفظ به لغير قصد أن يقوله, وغلبة الظن أنه فعل ما أقسم على أن لا يفعله, فهل في هذه الحالة عليه كفارة؟ جوابه تقدم في الإجابة الثانية أن مجرد التلفظ باليمين من غير قصد أو عقد نية من لغو اليمين الذي لا كفارة فيه.

خامسا: هل من قال في نفسه (لم يتلفظ به, وكان مع إرادة الشخص, أو دون إرادته) إذا فعل شيئا معينا, أو إذا لم يفعل شيئا معينا, إنه سيكون كافرا, فهل إذا نقضه يكفر؟ وهل عليه كفارة؟ جوابه: أن ما يدور في نفس المرء ولم يتلفظ به معفو عنه, ولا يترتب عليه شيء, كما في إجابة السؤال الأول للحديث المذكور فيه, وإذا حلف بالكفر - فعلا - على أن يفعل شيئا أو لا يفعله وحنث في يمينه فالذي عليه الاستغفار, والتوبة إلى الله تعالى, ولا كفارة عليه؛ جاء في الكافي لابن عبد البر في الفقه المالكي: ومن حلف بملة من الملل ثم حنث فلا شيء عليه، ومن قال: كفرت بالله, أو هو يهودي أو نصراني إن كلمت فلانا أو فعلت كذا فلا يمين عليه في شيء من ذلك, وليستغفر الله تعالى. 

هذا وننبه إلى أن الحلف بغير الله تعالى من كبائر الذنوب, وأشد منه تحريما وأكبر منكرا الحلف بالكفر - والعياذ بالله تعالى -
فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. رواه البخاري ومسلم.

وعنه - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حلف بغير الله فقد أشرك.

وروى أبو داود والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حلف فقال: إني بريء من الإسلام! فإن كان كاذبا فهو كما قال - عقوبة له على كذبه - وإن كان صادقا فلن يرجع إلى الإسلام سالما. صححه الألباني.

وعن ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حلف بملة غير ملة الإسلام فهو كما قال، ومن قتل نفسه بحديدة عذب بها في نار جهنم. رواه البخاري ومسلم. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة