الوضوء الذي في غسل الجنابة يختلف حكمه عن الوضوء المستقل عن الغسل

0 247

السؤال

قلتم في الفتوى رقم: (6133): "فإن للغسل من الجنابة صفتين:
أـ صفة للغسل الواجب الذي من أتى به أجزأه، وارتفع حدثه، وهو ما جمع شيئان: الأول: النية، وهي أن يغتسل بنية رفع الحدث، والثاني: تعميم الجسد بالماء.
ب ـ صفة الغسل الكامل وهو: ما جمع بين الواجب والمستحب، ووصفه كالآتي: يغسل كفيه قبل إدخالهما في الإناء، ثم يفرغ بيمينه على شماله، فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة كاملا، أو يؤخر غسل الرجلين إلى آخر الغسل، ثم يفرق شعر رأسه فيفيض ثلاث حثيات من ماء، حتى يروى كله، ثم يفيض الماء على شقه الأيمن، ثم يفيض الماء على شقه الأيسر، هذا هو الغسل الأكمل والأفضل" فتحيرت حيث إنني كنت أغتسل الغسل المجزئ, فقد كنت أعمم البدن بالماء - والحمد لله - وبعد رؤية لتلك الفتوى قررت أن أغتسل الغسل الكامل فصرت أغتسل كالآتي: أتوضأ وضوئي للصلاة كاملا، ثم أعمم الأعضاء دون الأعضاء التي غسلتها في الوضوء, أي أنني كنت أعتقد أن هذا الوضوء تابع للغسل, وليس وضوءا منفصلا، ومن ثم فلم أغسل الأعضاء التي غسلتها سابقا, فمثلا إذا غسلت الذراعين في الوضوء لا أعيد غسلهما في باقي الوضوء، وكذلك باقي أعضاء الوضوء, فتحيرت في الأمر وعندما راجعت الفتوى السابقة لاحظت أنكم قلتم: (ثم يفيض الماء على شقه الأيمن، ثم يفيض الماء على شقه الأيسر), فاستنتجت أن من الشق الأيمن الذراعين والرجلين، وكذلك من الشق الأيسر، وكذلك الوجه وسائر الأعضاء, ولكن هناك شيء أعطاني أملا وهو أنكم قلتم: (أو يؤخر غسل الرجلين إلى آخر الغسل) فاستنتجت أن ذلك الوضوء المقصود ليس وضوء منفصلا بل إنه من الغسل, حيث إن من شروط الوضوء الموالاة, وشكرا وأرجو أن تكون الإجابة واضحة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 أولا: اختلف العلماء في اشتراط الموالاة في غسل أعضاء الوضوء, وراجع في ذلك الفتوى رقم: 49273.
ثانيا: الوضوء الذي في غسل الجنابة يختلف في أحكامه عن الوضوء المستقل عن الغسل؛ حيث إنه بتداخله مع الطهارة الكبرى - الغسل - صار الحكم للطهارة الكبرى دون الصغرى، فلم يشترط فيه حينئذ الموالاة, ولا الترتيب.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يجب الترتيب، ولا الموالاة في أعضاء الوضوء إذا قلنا: الغسل يجزئ عنها؛ لأنهما عبادتان دخلت إحداهما في الأخرى, فسقط حكم الصغرى, كالعمرة مع الحج, نص على هذا أحمد.
ثالثا: ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من تأخير غسل رجليه إلى نهاية غسل الجنابة، فهذا قد يكون بسبب عدم نظافة المكان مثلا، وقد يكون مستحبا في الوضوء الذي في الغسل خاصة, وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بسنته الفعلية - وكفى بها دليلا على الصحة والمشروعية - وهذا قول جمهور العلماء.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: فذهب الجمهور إلى استحباب تأخير غسل الرجلين في الغسل, وعن مالك: إن كان المكان غير نظيف فالمستحب تأخيرهما, وإلا فالتقديم, وعند الشافعية في الأفضل قولان, قال النووي: أصحهما وأشهرهما، ومختارهما أنه يكمل وضوءه.

وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 123617.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة