حكم غسل ما تحت الجلد المتدلي في إحدى الرجلين في الوضوء

0 251

السؤال

وجدت في أصبع في قدمي بعضا من الجلد المتدلي، أي أنه يظهر من تحته الجلد، ولكنه لم يكن متدليا كثيرا، حيث إنني إذا مشيت في الشارع حافي القدمين -مثلا- لا ينفصل ذلك الجلد عن القدمين، لم يكن متدليا كثيرا، وإذا نظر أحد إلى قدمي من مسافة ربما لن يلحظه.
وعندما شاهدت ذلك الجلد عزمت أنني عندما أتوضأ لأصلي سوف أوصل الماء تحت ذلك الجلد. ولكنني بعد ذلك توضأت وصليت صلوات كثيرة ناسيا إيصال الماء إلى تلك المنطقة، ولا أذكر ماذا كانت أول صلاة صليتها وهذا الجلد المتدلي موجود.
وكنت قد رأيت فتوى في هذا الموقع أن الحائل إذا كان من البدن لم يؤثر على صحة الوضوء. هل ينطبق ذلك على مسألتي هذه؟
ووجدت في الفتوى رقم:77059 أنه يجب إيصال الماء إلى تحت الجلد المتدلي. فما حكم من نسي ذلك؟
وأذكر أني قرأت في إحدى الفتاوى هنا أيضا أن النسيان في معنى الجهل. وأنا أأخذ برأي شيخ الإسلام ابن تيمية أن من وقع في أمر مبطل للصلاة جاهلا به لا تلزمه الاعادة. وأيضا أليس الله -سبحانه و تعالى- قد عفا عن هذه الأمة الخطأ والنسيان؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجب عليك إيصال الماء إلى ما تحت الجلد المتدلي.

 قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: (فإن تقلصت) أي كشطت (جلدة من العضد حتى تدلت من الذراع، وجب غسلها كالأصبع الزائدة) لأنها صارت في محل الفرض (وإن تقلصت) أي ارتفعت بعد كشطها (من الذراع حتى تدلت من العضد لم يجب غسلها وإن طالت) لأنها صارت في غير محل الفرض (وإن تقلصت من أحد المحلين والتحم رأسها ب) المحل (الآخر غسل ما حاذى محل الفرض من ظاهرها والمتجافي منه) أي من المحاذي لمحل الفرض (من باطنها و) غسل (ما تحته، لأنها كالنابتة في المحلين) دون ما لم يحاذ محل الفرض. انتهى.

والشاهد قوله: "غسل ما تحته"

وأما مسألة: "أن الحائل إذا كان من البدن لم يؤثر على صحة الوضوء " فمحله إذا كان ملتصقا بالجسم لا منفصلا.

جاء في حاشية البيجرمي الشافعي: "قوله: (وإن تدلت جلدة العضد منه) أي بأن انكشطت ولم يبلغ كشطها إلى محل الفرض بدليل ما يأتي لكنها بلغته بالتدلي. قوله: (أو تقلصت) أي انكشطت جلدة الذراع ولم يبلغ كشطها إلى العضد، وإن بلغت بالتدلي إلى العضد فيجب الخارج أيضا، ومحل عدم وجوب غسل المتدلي لمحل الفرض في الأولى، ووجوب غسل الخارج عنه في الثانية ما لم يحصل التصاق، وإلا وجب في الأول ولم يجب في الثاني، كما أشار إليه الشارح بعد بقوله: ولو التصقت إلخ؛ لأنه راجع لهاتين المسألتين فقط شيخنا. قوله: (لا المحاذي ولا غيره) ويفرق بينها وبين اليد الزائدة النابتة بغير محل الفرض حيث يجب غسل المحاذي بمشاركتها لليد في الاسم. انتهى.

وعليه فيجب عليك غسل ما تحت هذه الجلدة.

وجماهير العلماء يوجبون قضاء الصلوات التي لم تكمل فيها طهارتك.

وأما ما تأخذ به من رأي شيخ الإسلام ابن تيمية، فإنما نص على عدم وجوب الإعادة على الجاهل، ولا نعلم له نصا يتناول الناسي، فليس لك أن تنسبه إليه إلا إذا وجدت نصا له بذلك؛ راجع الفتوى رقم: 125226

وأما كونك لا تذكر أول صلاة صليتها دون غسل ما تحت الجلدة، فقد سبق أن بينا صفة قضاء الفوائت بالفتوى رقم: 70806، فراجعها.

وأما بخصوص العفو عن الخطأ والنسيان، فلا محل له هنا.

قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم:  الخطأ هو أن يقصد بفعله شيئا، فيصادف فعله غير ما قصده، مثل أن يقصد قتل كافر، فيصادف قتله مسلما. والنسيان: أن يكون ذاكرا لشيء، فينساه عند الفعل، وكلاهما معفو عنه، بمعنى أنه لا إثم فيه، ولكن رفع الإثم لا ينافي أن يترتب على نسيانه حكم. كما أن من نسي الوضوء، وصلى ظانا أنه متطهر، فلا إثم عليه بذلك، ثم إن تبين أنه كان قد صلى محدثا فإن عليه الإعادة....".

فالخطأ والنسيان يعدمان الموجود، ولا يوجدان المعدوم، فإن تكلم ناسيا صحت الصلاة، لكن إن نسي الركوع، فلا بد من الإتيان به.

قال ابن تيمية -رحمه الله-:  ولأن النسيان يجعل الموجود كالمعدوم، ويبقى المعدوم على حاله؛ لأن الله سبحانه قد استجاب دعاء نبيه والمؤمنين حيث قالوا: {لا تؤاخذنا أن نسينا أو أخطأنا} فإنه قال: قد فعلت" رواه مسلم. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان" فإن ترك المأمور به ناسيا لم يؤاخذ بالترك، ولم تبرأ ذمته من عهدة الإيجاب؛ لأنه لم يفعله. وإن فعل المنهي عنه ناسيا كان كأنه لم يفعله، فلا يضره وجوده، وحمل النجاسة في الصلاة من باب المنهيات، فإذا وقع كان معفوا عنه بخلاف الوضوء والاستقبال، والسترة فإنها من باب المأمورات، فإذا لم يفعلها بقيت عليه؛ ولهذا لم يفسد الصوم بالأكل ناسيا. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة