الشكوى.. أنواعها.. وحكم كل نوع

0 245

السؤال

هل كثرة الشكوى والتذمر من المصيبة، يعتبر قلة صبر، ويقلل من أجر صاحبها؟؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فلا شك في أن كثرة الشكوى للمخلوقين تعد من قلة الصبر، وتقلل من أجر صاحبها، وقد تبطله.

 قال ابن القيم- رحمه الله- في عدة الصابرين: شكوى المبتلى بلسان الحال والمقال، فهذه لا تجامع الصبر بل تضاده وتبطله. انتهى.
وإذا كان التذمر من المصيبة على وجه التسخط، أوقع صاحبه في الحرام.

قال ابن القيم -رحمه الله- في الطب النبوي: ومن علاجها: أن يعلم أن حظه من المصيبة ما تحدثه له، فمن رضي، فله الرضى، ومن سخط، فله السخط، فحظك منها ما أحدثته لك، فاختر خير الحظوظ أو شرها، فإن أحدثت له سخطا وكفرا، كتب في ديوان الهالكين، وإن أحدثت له جزعا وتفريطا في ترك واجب، أو فعل محرم، كتب في ديوان المفرطين، وإن أحدثت له شكاية، وعدم صبر، كتب في ديوان المغبونين، وإن أحدثت له اعتراضا على الله، وقدحا في حكمته، فقد قرع باب الزندقة أو ولجه، وإن أحدثت له صبرا وثباتا لله، كتب في ديوان الصابرين، وإن أحدثت له الرضى عن الله، كتب في ديوان الراضين، وإن أحدثت له الحمد والشكر، كتب في ديوان الشاكرين، وكان تحت لواء الحمد مع الحمادين، وإن أحدثت له محبة واشتياقا إلى لقاء ربه، كتب في ديوان المحبين المخلصين. انتهى.
وأما من أخبر عن مصيبته لأجل التوصل إلى من يعينه ويرشده إلى إزالتها، فذلك جائز.

قال ابن القيم في عدة الصابرين: لما كان الصبر حبس اللسان عن الشكوى إلى غير الله، والقلب عن التسخط، والجوارح عن اللطم وشق الثياب ونحوها. كان ما يضاده واقعا على هذه الجملة، فمنه الشكوى إلى المخلوق. فإذا شكا العبد ربه إلى مخلوق مثله فقد شكا من يرحمه إلى من لا يرحمه. ولا تضاده الشكوى إلى الله كما تقدم في شكاية يعقوب إلى الله مع قوله: فصبر جميل. وأما إخبار المخلوق بالحال. فإن كان للاستعانة بإرشاده أو معاونته، والتوصل إلى زوال ضرورة. لم يقدح ذلك في الصبر كإخبار المريض للطبيب بشكايته، وإخبار المظلوم لمن ينتصر به بحاله، وإخبار المبتلى ببلائه لمن كان يرجو أن يكون فرجه على يديه وقد كان النبي إذا دخل على المريض يسأله عن حاله، ويقول: كيف تجدك؟ وهذا استخبار منه، واستعلام بحاله. انتهى.
 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة