الأخذ بمذهب المالكية في عدم انتقاض طهارة صاحب السلس

0 369

السؤال

أعرف أن من هو مصاب بانفلات الريح حاله كحال المصاب بسلس البول، عليه أن يتوضأ لكل صلاة، لكن الأمر يشق علي، وأحيانا أتعب وأشعر بهم وثقل أنني سأتوضأ لكل صلاة، وقد قرأت في رأي المالكية نحو هذا الموضوع حيث قال المالكي إنه لا يلزم الوضوء لكل صلاة ما دام لم يحدث غير الحدث الدائم.
فهل إذا عملت برأي المالكية أكون آثمة؟ وهل المالكية ليست بمرجع؟ وكيف يخالف المالكية باقي المذاهب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:        

 فمذهب المالكية أن الحدث إذا لازم نصف الزمن أو أكثره, فإنه لاينقض الوضوء.

جاء في شرح الدردير ممزوجا بمختصر خليل المالكي: (و) نقض (بسلس فارق أكثر) الزمان، ولازم أقله، فإن لازم النصف، وأولى الجل، أو الكل فلا ينقض. انتهى.

وفي حاشية الدسوقي على شرح الدردير: وأطلق المصنف في السلس، فيشمل سلس البول والغائط والريح وغيره كالمني، والمذي، والودي؛ ولذا قال في التوضيح هذا التقسيم لا يخص حدثا دون حدث. انتهى.

وقد خالف المالكية أكثر أهل العلم في هذه المسألة، ومن أدلتهم ما ذكره الباجي في المنتقى وهو مالكي: فتقرر من هذا أن ما خرج من العادة وتكرر حتى تشق مراعاته، دخل في باب السلس المعفو عنه، ومن قول مالك أن ما خرج من مني، أو مذي، أو بول على وجه السلس فإنه لا ينقض الطهارة خلافا لأبي حنيفة، والشافعي. والدليل على ما نقوله أن هذا مائع تجب به الطهارة إذا خرج على وجه الصحة لم تجب به تلك الطهارة كدم الحيض. وحكى القاضي أبو الحسن في المرأة يخرج منها دم الاستحاضة المرة بعد المرة عليها الوضوء، وإن كان يتكرر عليها بالساعات استحب لها الوضوء. انتهى.

وفي الاستذكار لابن عبد البر المالكي: وهذا الباب فيمن كان خروج المذي منه لعلة وفساد لا لصحة وشهوة، وهو الذي يسميه أصحابنا المستنكح، وهو صاحب السلس الذي لا ينقطع مذيه، أو بوله لعلة نزلت به من كبر، أو برد أو غير ذلك. وقد أجمع العلماء على أنه لا يسقط ذلك عنه فرض الصلاة، وأن عليه أن يصليها في وقتها على حالته تلك إذ لا يستطيع غيرها، واختلفوا في إيجاب الوضوء عليه للصلاة مع حاله تلك، فذهب مالك أنه لا يجب له الوضوء لكل صلاة، ولكنه يستحب له ذلك اعتبارا بالمستحاضة، والوضوء عنده لها استحباب أيضا. وحجته قوله تعالى: (أو جاء أحد منكم من الغائط) النساء 43 والمائدة 6 وذلك لما كان معتادا معروفا قصد الغائط من أجله؛ ولأن دم المستحاضة دم عرق ولا يوجب ذلك عنده وضوء, وقد مضى في باب الأحداث وجه قوله، ويأتي القول في المستحاضة في موضعه إن شاء الله. انتهى.

وعلى هذا؛ فإذا كان ما تجدينه ينطبق عليه حكم السلس، فلك تقليد مذهب المالكية, وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 141250.

ومذهب المالكية مرجع يعتمد عليه, فهو أحد المذاهب الأربعة المعروفة, وقد انتشر في كثير من البلاد الإسلامية، ومؤسسه هو الإمام مالك إمام دار الهجرة, ومن المعروف أنه أحد أئمة الهدى المشهود لهم بغزارة العلم, والتمسك بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, والمواظبة على تعليم العلوم الشرعية, وتلاوة كتاب الله تعالى في المسجد النبوي الشريف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة