أفعال الله كلها بقدر، وبيان حسن الأدب في نسبتها إليه

0 248

السؤال

معنى كلمة أمور وهل الله يدبر أمور الشر والخير أم فقط الخير وهل يدبر الأمور المكروهة بالإسلام وهل يدبر أمور المصائب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأمور جمع أمر وهو الشأن؛ كما قال ابن عاشور: والأمور جمع أمر وهو الشأن والحال، أي إلى الله ترجع الأحوال كلها يتصرف فيها كيف يشاء. اهـ

 والله تعالى هو مدبر أمور المخلوقات كلها خيرها وشرها؛ كما قال ‏الله تعالى: قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون {يونس:31} فلا بد من الاعتقاد أنه لا يحصل شيء في الكون إلا بقضاء الله وأمره وقدره، لقول الله تعالى:إنا كل شيء خلقناه بقدر {القمر:49}، ولقوله تعالى: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا {التوبة:51}، ولما في حديث مسلم: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس. وفي الحديث: وتؤمن بالقدر خيره وشره. رواه مسلم.

وفي الحديث: لا يؤمن المرء حتى يؤمن بالقدر خيره وشره. رواه الترمذي وأحمد وصححهالألباني والأرناؤوط.

ولكن من حسن الأدب مع الله تعالى عدم نسبة الشر إليه وإن كان هو خالقه وموجده سبحانه، كما قالت الجن: وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا {الجن:10}، وقال عز وجل: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير {الشورى: 30}، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يثني على ربه تبارك وتعالى بقوله: الخير كله بيديك، والشر ليس إليك. رواه مسلم.

قال شيخ الإسلام: والله تعالى وإن كان خالقا لكل شيء فإنه خلق الخير والشر لما له في ذلك من الحكمة التي باعتبارها كان فعله حسنا متقنا، كما قال: {الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين} [سورة السجدة: 7] وقال: {صنع الله الذي أتقن كل شيء} [سورة النمل: 88] فلهذا لا يضاف إليه الشر مفردا، بل إما أن يدخل في العموم، وإما أن يضاف إلى السبب، وإما أن يحذف فاعله. فالأول: كقول [الله تعالى]: {الله خالق كل شيء} [سورة الزمر: 62] والثاني: كقوله: {قل أعوذ برب الفلق - من شر ما خلق} [سورة الفلق: 1، 2] والثالث كقوله فيما حكاه عن الجن: {وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا} [سورة الجن: 10] وقد قال في أم القرآن: {اهدنا الصراط المستقيم - صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [سورة الفاتحة: 6، 7] فذكر أنه فاعل النعمة، وحذف فاعل الغضب، وأضاف الضلال إليهم. وقال الخليل [عليه السلام] {وإذا مرضت فهو يشفين} [سورة الشعراء: 80] ، ولهذا كان لله الأسماء الحسنى، فسمى نفسه بالأسماء الحسنى المقتضية للخير. وإنما يذكر الشر في المفعولات، كقوله: {اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم} [سورة المائدة: 98]. انتهى.

 وقد ذكر الشيخ ابن العثيمين في شرح الواسطية كلاما نفيسا في مسألة الشر المقدر ملخصه: أن أفعال الله تعالى كلها خير، كما يدل الحديث: والخير كله بيديك، والشر ليس إليك. رواه مسلم.

ولكن المقدور قد يكون شرا بالنسبة للعبد في حال ما لأنه غير ملائم له كالمرض، وقلة ذات اليد، وإقامة الحدود، ولكن قد يكون فيه خير للعبد يخفى عليه فقد يكون فيه تكفير سيئاته، ورفع درجاته؛ كما في الحديث:ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. رواه البخاري.

وراجع للمزيد في هذا الفتوى رقم :   174581 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة