حكم دعاء الشخص أن يأخذ الله من عمره ويعطيه لغيره

0 233

السؤال

فى الحديث: فرأى رجلا منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب من هذا؟ فقال: هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له: داود، فقال: رب كم جعلت عمره؟ قال: ستين سنة، قال: أي رب زده من عمري أربعين سنة ـ فهل يجوز للإنسان أن يدعو لمن يحبه حبا شديدا أن يأخذ الله من عمره ويعطيه لهذا الإنسان؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا نعلم أحدا من أهل العلم نص على حكم مثل هذا الدعاء، ولم نجد لأحدهم استدلالا بالحديث المذكور على ذلك، والذي يظهر لنا أن يقيد ذلك بكون بقاء المدعو له فيه مصلحة شرعية لفضله في نفسه، أو لانتفاع الناس به، وقد جمع داود ـ عليه السلام ـ الخصلتين جميعا، ومما يشهد لذلك ما ذكره المؤرخون في ترجمة العالم الزاهد الفضيل بن عياض من دعائه بنحو ذلك للخليفة الرشيد، قال ابن كثير في البداية والنهاية: كان الفضيل بن عياض يقول: ليس موت أحد أعز علينا من موت الرشيد لما أتخوف بعده من الحوادث، وإني لأدعو الله أن يزيد في عمره من عمري! قالوا: فلما مات الرشيد وظهرت تلك الفتن والحوادث والاختلافات، وظهر القول بخلق القرآن، فعرفنا ما كان تخوفه الفضيل من ذلك. اهـ.

وهذا رواه ابن عساكر في تاريخه، وذكره الذهبي في السير، وابن الأثير في الكامل.

ومما يشهد لأصل هذا المعنى ما رواه أبو عروبة الحراني في طبقاته بإسناد حسن عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت: ما زال بي ما رأيت من أمر الناس في الفتنة، حتى إني لأتمنى أن يزيد الله عز وجل معاوية من عمري في عمره.

ومن ذلك أيضا ما قاله يحيى بن جعفر البيكندي في حق الإمام البخاري: لو قدرت أن أزيد في عمر محمد بن إسماعيل من عمري لفعلت، فإن موتي يكون موت رجل واحد، وموته ذهاب العلم ـ ذكره جماعة من أهل العلم في ترجمة البخاري، منهم الذهبي في التاريخ، وابن حجر في تغليق التعليق.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 22318، في حكم الدعاء بطول العمر، والفتوى رقم: 31781،  في حكم تمني الموت.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة