قصة نياحة عائشة على أبي بكر بعد وفاته

0 375

السؤال

قال سعيد بن المسيب رحمه الله: لما توفي أبو بكر أقامت عائشة عليه النوح، فبلغ عمر فنهاهن فأبين، فقال لهشام بن الوليد: اخرج إلى بيت أبي قحافة يعني أم فروة فعلاها بالدرة ضربات فتفرق النوائح حين سمعن بذلك ـ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: صحيح الإسناد ـ وقال ابن الملقن: منقطع بين سعيد وعمر، وقال الحافظ رحمه الله: مراسيل سعيد بن المسيب أصح المراسيل، فهل هذه الرواية مقبولة أم لا؟ وإذا كانت مقبولة فعائشة ـ رضي الله عنها ـ الفقهية العالمة العابدة أكبر من ذلك بكثير، فكيف تنوح على أبيها وهي ليست ببعيدة من قوله صلى الله عليه وسلم: اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت ـ وفي حديث آخر قالت عائشة رضي الله عنها: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري وفي دولتي لم أظلم فيه أحدا، فمن سفهي وحداثة سني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض وهو في حجري ثم وضعت رأسه على وسادة وقمت أندب مع النساء وأضرب وجهي ـ قال الألباني رحمه الله: إسناده حسن ـ فهل كانت عائشة تنوح وتلطم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فقد تكلمنا على القصة في الفتوى رقم: 194691.

كما سبق لنا بيان حرمة النياحة في الفتوى رقم: 20439.

ولو تصورنا أن القصة المشار إليها ثابتة، فإن الصحابة ليسوا معصومين، ولا يبعد حصول خطأ من أحدهم، ولكن الخطأ لو حصل فإنه مغمور في بحار حسناتهم، ونحن لسنا مكلفين بتتبع عثراتهم وقد ذكرنا في بعض الفتاوى السابقة أنه ينبغي للمسلم في هذا العصر أن يهتم بإصلاح نفسه وإصلاح مجتمعه وإصلاح عصره، وأن يكف عن الصحابة والسلف، لأنهم أفضوا إلى ما قدموا، فقد ذكر ابن أبي زيد القيرواني ـ رحمه الله ـ في الرسالة في كلامه على العقيدة: أنه لا يذكر أحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بأحسن ذكر، والإمساك عما شجر بينهم، وأنهم أحق الناس أن يتلمس لهم أحسن المخارج ويظن بهم أحسن المذاهب. اهـ.

وقال الإمام الذهبي: فأما الصحابة رضي الله عنهم: فبساطهم مطوي، وإن جرى ما جرى... إذ على عدالتهم وقبول ما نقلوه العمل، وبه ندين الله تعالى. اهـ.

وقال الطحاوي ـ رحمه الله ـ في عقيدته المشهورة: ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نفرط في حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان. اهـ. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة