الدعاء بمغفرة جميع الذنوب لعموم المسلمين ودخولهم الجنة.. أوجه المنع والجواز

0 183

السؤال

هل الدعاء لجميع المسلمين مثلا بالجنة أو بالفردوس دون حساب حرام، لأن الله أخبرنا أن بعض المسلمين يعذب أولا، أو لأننا علمنا أن المؤمنين في الجنة مراتب؟ أم أنه يجوز انطلاقا من: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ـ ثم الله يفعل ما يشاء؟.
وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالدعاء بأن يدخل الله المسلمين الفردوس لا حرج فيه، ولا يلزم منه ألا يدخل أحد منهم النار ابتداء، فقد يدخلها ثم يخرج منه، ففي هذا الدعاء سؤال الثبات لهم على الإسلام ليكون مصيرهم الجنة، إلا إن أراد بدعائه أن يدخلوا جميعا الجنة دون أن يلحق أحدهم عذاب، فهذا من الاعتداء في الدعاء، لمخالفته ما هو معلوم قطعا من دخول بعض المسلمين النار ثم خروجهم منها، وقد اختلف العلماء في مشروعية الدعاء بمغفرة جميع الذنوب لعموم المسلمين، فمنهم من منعه ومنهم من أجازه ومنهم قال القصد تخفيف آثار الذنوب، أو إظهار الشفقة على المؤمنين، لا حصول المغفرة التي لا يبقى معها شيء من العذاب لاستحالته شرعا، جاء في حاشية ابن عابدين: وقد نقل اللقاني عن الأبي والنووي انعقاد الإجماع على أنه لا بد من نفوذ الوعيد في طائفة من العصاة، وإذا كان كذلك يكون الدعاء به ـ يعني: دعاء: اللهم اغفر للمسلمين... مثل قولنا: اللهم لا توجب علينا الصوم والصلاة، وأيضا يلزم منه جواز الدعاء بالمغفرة لمن مات كافرا أيضا، إلا أن يقال إنما جاز الدعاء للمؤمنين بذلك إظهارا لفرط الشفقة على إخوانه، بخلاف الكافرين. انتهى.

وقال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: وجزم ابن عبد السلام في الأمالي والغزالي بتحريم الدعاء للمؤمنين والمؤمنات بمغفرة جميع الذنوب وبعدم دخولهم النار، لأنا نقطع بخبر الله تعالى وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم أن فيهم من يدخل النار، وأما الدعاء بالمغفرة في قوله تعالى حكاية عن نوح: رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات {نوح: 28} ونحو ذلك، فإنه ورد بصيغة الفعل في سياق الإثبات، وذلك لا يقتضي العموم، لأن الأفعال نكرات ولجواز قصد معهود خاص، وهو أهل زمانه مثلا. انتهى.

وجاء في الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي:... وأما الدعاء بالمغفرة لجميعهم: فإن أراد به مغفرة مستلزمة لعدم دخول أحد منهم النار فحكمه ما مر، وإن أراد مغفرة تخفف عن بعضهم وزره، وتمحو عن بعض آخرين منهم أو أطلق ذلك، فلا منع منه.

وراجع للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 215431، 31033، 23425.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة