تفسير قوله تعالى (هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِر..)

0 343

السؤال

السلام عليكم ورحمة اللهلقد قرأت في أحد كتب التفسير أن الآية الثالثة من سورة الحديد:"هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم" أفضل من ألف آية. فهل هذا الخبر صحيح أم ضعيف وهل من الممكن شرح هذه الآية لأني أحبها كثيرا وهل هنالك مانع من أن اتخذها وردا أرددها دائما أم أن هذا الشيء بدعة وهل يمكن أن أقرأها كثيرا وأسأل الله أن يرزقني علما نافعا؟ أرجو بيان هذه الأمور وجزاكم الله خيراوالسلام عليكم ورحمة الله

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الحديث الذي أشار إليه السائل الكريم رواه أحمد وأبو داود والترمذي والدارمي، ولفظه كما في سنن الترمذي عن العرباض بن سارية، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد، ويقول: إن فيهن آية خير من ألف آية. .قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
والحديث حسنه الألباني، قال في تحفة الأحوذي: والمستحبات هي السور التي في أوائلها التسبيح، وهو سبع سور: الإسراء، والحديد، والحشر، والصف، والجمعة، التغابن، والأعلى.
والآية المشار إليها قيل هي: لو أنزلنا هذا القرآن [الحشر:21]. وقال ابن كثير: - والله أعلم- : هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم [الحديد:3].
وتفسير هذه الآية كما قال ابن عطية: هو الأول والآخر الأول: الذي ليس لوجوده بداية مفتتحة، والآخر: الذي ليس له نهاية منقضية.
وقيل: هو الأول بالأزلية، والآخر بالأبدية، وهو الأول بالوجود؛ إذ كل موجود فبعده وبه.
والآخر: إذا نظر العقل في الموجودات حتى يكون إليه منتهاها، قال تعالى: وأن إلى ربك المنتهى [النجم:42].
والظاهر: معناه بالأدلة ونظر العقول في صنعته، والباطن بلطفه وغوامض حكمته.
قال ابن عطية: ويحتمل أن يريد - سبحانه وتعالى- بقوله: والظاهر والباطن الذي بهر وملك فيما ظهر للعقول، وفيما خفي عنها، فليس في الظاهر غيره حسب قيام الأدلة، وليس في باطن الأمر وفيما خفي على النظرة مما عسى أن يتوهم غيره.
وهو بكل شيء عليم : عام في جميع الأشياء عموما تاما، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، يعلم السر وأخفى.
ومن الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه-: اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من كل شر أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين واغننا من الفقر.
وهذا خير تفسير الآية، فالظاهر: الذي ليس فوقه شيء، وفي ذلك إثبات لعلو الله تعالى على خلقه مع معيته وقربه منهم كما أخبر سبحانه.
وأما محبة هذه الآية فمن دلائل الإيمان، وحب الله تعالى، لأنها تتضمن صفاته تعالى وأسماءه، فقد جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ(قل هو الله أحد)، فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: سلوه لأي شيء كان يصنع ذلك؟ فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:أخبروه أن الله يحبه.
وأما ترديدها فلا مانع منه، وليس هو من باب البدعة، ففي صحيح البخاري عن أبي سعيد رضي الله عنه: أن رجلا سمع رجلا يقرأ: قل هو الله أحد، يرددها، فلما أصبح جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، وكأن الرجل يتقالها! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن.
والحاصل: أن الحديث حسن صالح للعمل والاحتجاج ، وأن ترديد الآيات القرآنية وتكرارها لمعنى ما ليس من باب البدعة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات