معنى كون الرؤيا جزءًا من أجزاء النبوة

0 261

السؤال

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: إن النبوة انتهت، لكن بقي منها المبشرات, فمن أكرمه الله بالرؤى التي تتحقق، والإلهامات التي تتحقق، فهل يمكن أن نقول عنه بأنه يشترك مع الأنبياء في هذه الخواص؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة. رواه البخاري. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة. رواه البخاري ومسلم. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة. متفق عليه.

ولكن ليس معنى ذلك أن صاحب هذه الرؤيا يشترك مع الأنبياء في النبوة والوحي.

وقد اختلف أهل العلم في تأويل هذا الحديث، قال الخطابي في معالم السنن: معنى هذا الكلام تحقيق أمر الرؤيا وتأكيده، وإنما كانت جزءا من أجزاء النبوة في الأنبياء - صلوات الله عليهم - دون غيرهم، وكان الأنبياء يوحى إليهم في منامهم، كما يوحى إليهم في اليقظة ... فأما تحديد أجزائها بالعدد المذكور، فقد قال في ذلك بعض أهل العلم قولا زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقي منذ بدء الوحي إلى أن مات ثلاثا وعشرين سنة أقام بمكة منها ثلاث عشرة سنة، وبالمدينة عشر سنين، وكان يوحى إليه في منامه في أول الأمر بمكة ستة أشهر، وهي نصف سنة، فصارت هذه المدة جزءا من ستة وأربعين جزءا من النبوة.

وقال بعض العلماء: معناه أن الرؤيا تجيء على موافقة النبوة، لا أنها جزء باق من النبوة.

وقال آخر: معناه أنها جزء من أجزاء علم النبوة باق، والنبوة غير باقية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "ذهبت النبوة وبقيت المبشرات، الرؤيا الصالحة يراها المسلم، أو ترى له"  اهـ.

وقال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: يجب أن نعلم ما معنى كون الرؤيا جزءا من أجزاء النبوة، فلو كانت جزءا من ألف جزء منها لكان ذلك كثيرا، فنقول - وبالله التوفيق -: إن لفظ النبوة مأخوذ من النبأ، والإنباء، وهو الإعلام في اللغة، والمعنى أن الرؤيا إنباء صادق من الله، لا كذب فيه، كما أن معنى النبوة الإنباء الصادق من الله، الذي لا يجوز عليه الكذب، فشابهت الرؤيا النبوة في صدق الخبر عن الغيب. اهـ.

وقال ابن حجر في فتح الباري: قال المازري: يحتمل أن يراد بالنبوة في هذا الحديث الخبر بالغيب لا غير، وإن كان يتبع ذاك إنذار، أو تبشير، فالخبر بالغيب أحد ثمرات النبوة، وهو غير مقصود لذاته؛ لأنه يصح أن يبعث نبي يقرر الشرع، ويبين الأحكام، وإن لم يخبر في طول عمره بغيب، ولا يكون ذلك قادحا في نبوته، ولا مبطلا للمقصود منها، والخبر بالغيب من النبي لا يكون إلا صدقا، ولا يقع إلا حقا .. اهـ. وراجعي الفتوى رقم: 44242.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة