مفهوم المخالفة لحديث: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين

0 292

السؤال

في قول النبي عليه الصلاة والسلام: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" هل يمكننا أن نستخلص أن مفهوم المخالفة لهذا الحديث أن من لم يفقهه الله في الدين فإنه لا يريد به خيرا؟ وهل يلزم إرادة الخير للعبد أن يكون فقيها؟ وهل يلزم لكل حديث مفهوم مخالفة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فمفهوم الحديث كما ذكر ابن حجر العسقلاني: أن من لم يتفقه في الدين - أي: يتعلم قواعد الإسلام، وما يتصل بها من الفروع - فقد حرم الخير، وقد أخرج أبو يعلى حديث معاوية من وجه آخر ضعيف، وزاد في آخره: "ومن لم يتفقه في الدين لم يبال الله به" والمعنى صحيح; لأن من لم يعرف أمور دينه، لا يكون فقيها، ولا طالب فقه, فيصح أن يوصف بأنه ما أريد به الخير.

وقال الصنعاني في سبل السلام: والحديث دليل على عظمة شأن التفقه في الدين، وأنه لا يعطاه إلا من أراد الله به خيرا عظيما، كما يرشد إليه التنكير، ويدل له المقام والفقه في الدين تعلم قواعد الإسلام، ومعرفة الحلال والحرام، ومفهوم الشرط أن من لم يتفقه في الدين لم يرد الله به خيرا.

وقال المناوي: (خيرا) أي: جميع الخيرات؛ لأن النكرة تفيد العموم، أو خيرا كبيرا عظيما كثيرا، فالتنوين للتعظيم.

وعلى ذلك فالمراد بالخير في الحديث هو الخيرات بأجمعها، أو الخير العظيم، كما دل على ذلك تنكير الخير في الحديث (خيرا)، وليس معنى الحديث نفي الخير بالكلية عمن لم يتفقه في الدين، وإنما المراد نفي هذا الخير الخاص، أو أن الكلام خرج مخرج المبالغة، فكأن من لم يتفقه لم يرد به خيرا مقارنة مع من تفقه.

قال السندي في شرح سنن ابن ماجه: قوله (من يرد الله به خيرا إلخ) قيل: إن لم نقل بعموم (من) فالأمر واضح؛ إذ هو في قوة بعض من أريد له الخير، وإن قلنا بعمومها يصير المعنى كل من يريد به الخير، وهو مشكل بمن مات قبل البلوغ مؤمنا، ونحوه؛ فإنه قد أريد به الخير وليس بفقيه.

ويجاب بأنه عام مخصوص هو أكثر العمومات، والمراد: من يرد الله به خيرا خاصا على حذف الصفة انتهى.

قلت: الوجه حمل الخير على أن التنكير للتعظيم، فلا إشكال، على أنه يمكن حمل الخير على الإطلاق، واعتبار تنزيل غير الفقه في الدين منزلة العدم بالنسبة إلى الفقه في الدين، فيكون الكلام مبنيا على المبالغة، كان من لم يعط الفقه في الدين ما أريد به الخير.

وأما اعتبار مفهوم المخالفة في دلالات النصوص الشرعية: فليس على إطلاقه، فإن العلماء قد اختلفوا في حجيته، ثم إنه على أقسام متعددة، متباينة من حيث القوة والضعف، إضافة إلى أن من شرط العمل به أن لا يعارضه ما هو أرجح منه، من منطوق، أو مفهوم موافقة، أو غير ذلك مما هو مبسوط في مظانه في كتب أصول الفقه، ولا يتسع المقام هنا لذكره، وانظر الفتوى رقم: 97159.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة