حديث الشفاعة الطويل، وحديث الصور الطويل

0 353

السؤال

ما هو حديث الصور الطويل؟ وما صحته؟ وهل هو حديث الشفاعة الطويل؟.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحديث الصور الطويل ليس هو حديث الشفاعة الطويل، وإنما هما حديثان مختلفان، غير أنه توجد بعض المعاني التي يشتركان فيها، وحديث الصور الطويل قد ساقه ابن كثير في البداية والنهاية كاملا، فنذكر لك بدايته حتى تتمكنين من تمييزه عن غيره، فقد قال رحمه الله: قال الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده: حدثنا عمرو بن الضحاك بن مخلد، حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد، حدثنا أبو رافع إسماعيل بن رافع، عن محمد بن يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن كعب القرظي عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة، قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في طائفة من أصحابه، قال: إن الله تعالى لما فرغ من خلق السماوات والأرض خلق الصور، فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه، شاخص إلى العرش ببصره ينتظر متى يؤمر فينفخ، قال: قلت: يا رسول الله، ما الصور؟ قال: قرن، قلت: كيف هو؟ قال: عظيم، والذي بعثني بالحق إن عظم دائرة فيه كعرض السماوات والأرض، ينفخ فيه ثلاث نفخات، الأولى نفخة الفزع، والثانية نفخة الصعق والثالثة نفخة القيام لرب العالمين.... الحديث، وهو طويل جدا.

ثم بين ابن كثير ـ بعد أن ساقه كاملا ـ من خرجه، وحكم على إسناده بالضعف، وبين أن بعض ألفاظه فيها نكارة، ولكن أغلبها ثابتة بأسانيد أخرى متفرقة، فقال رحمه الله: هذا حديث مشهور، رواه جماعة من الأئمة في كتبهم، كابن جرير في تفسيره، والطبراني في الطوالات وغيرها، والبيهقي في كتاب: البعث والنشور، والحافظ أبي موسى المديني في الطوالات أيضا من طرق متعددة، عن إسماعيل بن رافع قاص أهل المدينة، وقد تكلم فيه بسببه، وفي بعض سياقاته نكارة واختلاف، وقد بينت طرقه في جزء مفرد.... إلى أن قال: وقال الحافظ أبو موسى المديني بعد إيراده له بتمامه: وهذا الحديث وإن كان في إسناده من تكلم فيه، فعامة ما فيه يروى مفرقا بأسانيد ثابتة، ثم تكلم على غريبه. انتهى.

وأما حديث الشفاعة الطويل: فقد رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بلحم فرفع إليه الذراع، وكانت تعجبه، فنهش منها نهشة، ثم قال: أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون مم ذلك؟ يجمع الله الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، وتدنو الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول الناس: ألا ترون ما قد بلغكم، ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: عليكم بآدم، فيأتون آدم عليه السلام فيقولون له: أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه، ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحا فيقولون: يا نوح، إنك أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وقد سماك الله عبدا شكورا، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي عز وجل قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم، فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول لهم ـ ص:85 ـ إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد كنت كذبت ثلاث كذبات  ـ فذكرهن أبو حيان في الحديث ـ نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى فيأتون، موسى فيقولون: يا موسى أنت رسول الله، فضلك الله برسالته وبكلامه على الناس، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفسا لم أومر بقتلها، نفسي نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى ابن مريم، فيأتون عيسى، فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وكلمت الناس في المهد صبيا، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله قط، ولن يغضب بعده مثله، ولم يذكر ذنبا، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمد، فيأتون محمدا فيقولون: يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فأنطلق فآتي تحت العرش، فأقع ساجدا لربي عز وجل، ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئا، لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال: يا محمد ارفع رأسك سل تعطه، واشفع تشفع فأرفع رأسي، فأقول: أمتي يا رب، أمتي يا رب، أمتي يا رب، فيقال: يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، ثم قال: والذي نفسي بيده، إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة، كما بين مكة وحمير ـ أو كما بين مكة وبصرى. وهذا لفظ البخاري.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات