المفاضلة بين الصلاة في مسجد لا يصلي فيه أحد والجماعة في غيره

0 193

السؤال

ما حكم من يصلي في البيت بسبب أن المسجد الذي بجانبه ليس فيه أحد؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فصلاته في البيت صحيحة، ونرجو أن لا إثم عليه، والأفضل له أن يصلي في المسجد ليعمره، وقد قال تعالى: إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين {التوبة: 18}.

وفضل الصلاة في المسجد ليس منحصرا في ثواب الجماعة، بل هناك فضائل أخرى:

منها: تحصيل ما يعده الله تعالى لمن ذهب إلى المسجد من النزل، كما جاء في الحديث: من غدا إلى المسجد، أو راح، أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا، أو راح. رواه مسلم.

ومنها: رفع الدرجات، وحط السيئات بالخطوات إلى المسجد، كما في الحديث: من تطهر في بيته، ثم مشى إلى بيت من بيوت الله؛ ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خطوتاه إحداهما: تحط خطيئة، والأخرى: ترفع درجة. رواه مسلم.

فإذا دار الأمر بين أن يصلي في المسجد منفردا، أو يصلي جماعة في غيره كالبيت، فإن للعلماء قولين في أيهما أفضل:
1) أولهما أن الأفضل أن يصلي جماعة في غير المسجد؛ لأن مراعاة فضل أداء العبادة نفسها جماعة أولى من مراعاة فضل مكان العبادة، قال الإمام النووي في المجموع: المحافظة على فضيلة تتعلق بنفس العبادة أولى من المحافظة على فضيلة تتعلق بمكان العبادة، وتتخرج على هذه القاعدة مسائل مشهورة في المذهب - وذكر منها - فلو كان هناك مسجد ليس فيه جماعة، وهناك جماعة في غير مسجد، فصلاته مع الجماعة في غير المسجد أفضل من صلاته منفردا في المسجد. اهــ .

2) وثانيهما أن المسجد أفضل؛ لعموم حديث: فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. رواه مسلم.

جاء في حاشية البجيرمي: وفي هذا الحديث ما يقتضي أن الانفراد في المكتوبة بالمسجد أفضل من الجماعة فيها في غيره، وهو وجيه. اهـ. وفي أسنى المطالب: قال المتولي: الانفراد فيها أفضل من الجماعة في غيرها. اهـ.

بل يرى بعض العلماء الموجبين لصلاة الجماعة في المسجد أنه يجب عليه أن يذهب للمسجد، ولو صلى وحده, فقد سئل الشيخ ابن باز - رحمه الله تعالى - عن مسجد في منطقة نائية، لا يصلي فيه أحد، ويذهب إليه شخص يصلي فيه لوحده،

فقال: نوصيه بالاستمرار بأن يذهب إلى المسجد، ويؤذن؛ لعل الله يأتي بمن يصلي معه من المارة، أو من السكان، فإن لم يأت أحد صلى لوحده - والحمد لله - نوصيه بأن يستمر، وألا يصلي في البيت؛ لأن المساجد عمرت لهذا، وعلى المؤمن أن يذهب إلى المسجد، فإن وجد أحدا، وإلا صلى وحده - والحمد لله - لا يجوز الصلاة في البيت، والمساجد موجودة. اهــ من فتاوى نور على الدرب.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة