مقدار دية المرأة الكافرة التي صدمتها سيارة، ولمن تخرج؟

0 232

السؤال

منذ أكثر من 15 سنة صدمت سيدة نصرانية بسيارتي ـ وأقسم بالله أنني لم أرها إلا بعد أن صدمتها، ومن ثم لم أستطع تفاديها، وتوفيت في ذلك الوقت، ولم أصم الشهرين المتتابعين، ولم أخرج الدية؛ لعدم وجود المال، وأريد أن أكفر عن هذا الموضوع، فهل تجب علي الدية، أو الصيام بالرغم من أنه لم يكن باستطاعتي أن أفعل شيئا؛ لأنني في الأصل لم أرها إلا بعد أن صدمتها؟ وإن وجبت الكفارة بالدية، وأنا الآن أملك المال، فما مقدارها؟ وهل تحسب وقت الحادث، أم في الوقت الحالي؟ أعلم أن الدية تسلم إلى أهلها، لكنني لا أعرف عنهم شيئا، وإن نجحت في الوصول إليهم ـ وهو صعب جدا بعد كل هذه المدة ـ فستحدث مشاكل كثيرة على أساس أنني مسلم وهي نصرانية، وستفسر بشكل سيئ، وهي مشكلة كبيرة في بلادنا الآن، فلمن أخرج الدية؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كنت قد أخذت بالاحتياطات اللازمة، ولم تفرط، فلا دية عليك، ولا كفارة، أما إن كنت قد قصرت في ذلك، فتلزمك الدية، والكفارة، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 15533، 116468، 206092.

وبخصوص وجوب الكفارة راجع الفتوى رقم: 53720.

وأما دية تلك المرأة: فمقدارها نصف دية الرجل، وحيث إن دية الكافر على النصف من دية المسلم على الراجح، فتكون دية المرأة النصرانية ربع دية الرجل المسلم، جاء في الموسوعة الفقهية: أما الإناث من الكفار اللواتي لهم أمان فديتهن نصف دية الذكور منهم اتفاقا، قال ابن قدامة: لا نعلم في هذا خلافا، ونقل ابن المنذر إجماع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل. وانظر الفتوى رقم: 21224.

وقد سبق في الفتوى رقم: 59987، وما أحيل عليه فيها بيان أصول الدية، ومقدار كل منها.

وفي فتاوى دار الإفتاء المصرية: وإذا ثبت القتل الخطأ بإقرار الجاني، أو بدليل شرعي آخر، كانت دية القتيل ألف دينار من الذهب.

فباعتبار تقدير الدية بالذهب، تكون دية تلك المرأة مائتين وخمسين دينارا ذهبيا، ووزن الدينار 4.25 جم، فتكون دية المرأة 1062.5 جراما، أو ما يعادلها وقت دفعها، لا وقت وقوع الحادث، ويمكنك مراجعة الفتوى السابقة، ففيها مزيد بيان حول ذلك، وننبه إلى أن تلك الدية لا تتحملها أنت، إلا إذا ثبتت الجناية باعترافك، أما إن ثبتت عليك ببينة لا باعترافك فإن عاقلتك تتحملها، وانظر الفتوى رقم: 207445.

وهل تحملها العاقلة كاملة، أم تشاركهم فيها؟ الجمهور على أنهم يحملونها كاملة، ولا يلزمك شيء، قال ابن قدامة في المغني: ولا يلزم القاتل شيء من الدية، وبهذا قال مالك, والشافعي، وقال أبو حنيفة: هو كواحد من العاقلة؛ لأنها وجبت عليهم إعانة له, فلا يزيدون عليه فيها، ولنا ما روى أبو هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بدية المرأة على عاقلتها ـ متفق عليه، وهذا يقتضي أنه قضى بجميعها عليهم, ولأنه قاتل لم تلزمه الدية, فلم يلزمه بعضها, كما لو أمره الإمام بقتل رجل فقتله يعتقد أنه بحق, فبان مظلوما, ولأن الكفارة تلزم القاتل في ماله, وذلك يعدل قسطه من الدية، وأكثر منه, فلا حاجة إلى إيجاب شيء من الدية عليه.

وعموما، فيجب الاجتهاد في التوصل إلى أوليائها، ويكفي لإبراء ذمتك وذمة عاقلتك أن تصل الدية إليهم بأي وسيلة مناسبة، وتحت أي مسمى، وإذا لم يمكن إيصال الدية إلى أوليائها بعد الاجتهاد في ذلك، فإنها تصرف في وجوه البر، والمصالح العامة، كما هو الحال مع المقتول المسلم، وهذا عند أكثر العلماء، خلافا للمشهور عند المالكية، جاء في المبسوط من كتب الحنفية: ومال الميت الذي لا وارث له يصرف إلى بيت المال، كالمسلم الذي لا وارث له إذا مات.

وفي نهاية المحتاج من كتب الشافعية: أما الذمي إذا مات عن غير وارث، أو كان ولم يستغرق، فتصرف تركته، أو باقيها لبيت المال فيئا.

وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني: ومتى مات الذمي, ولا وارث له, كان ماله فيئا, وكذلك ما فضل من ماله عن وارثه، كمن ليس له وارث إلا أحد الزوجين, فإن الفاضل عن ميراثه يكون فيئا؛ لأنه مال ليس له مستحق معين, فكان فيئا, كمال الميت المسلم الذي لا وارث له.

أما بخصوص قول المالكية: ففي جامع الأمهات لابن الحاجب الكردي المالكي: ومال الكتابي الحر المؤدي للجزية لأهل دينه من كورته، وعن ابن القاسم: للمسلمين.

وهذا كله على اعتبار أنك قد قصرت في أخذ الاحتياطات، فإن لم تكن قصرت، فلا يلزمك شيء أصلا، كما سبق في أول الفتوى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة