الأولى والأكمل أن يخلو القلب من المقارنة، والمنافسة مع الغير

0 167

السؤال

أحس أحيانا أنني أغار إذا فعل أحد الخير، مع أنني دائما أحب أن أشجع من حولي على فعل الخير، وأحس أن هذا من النفاق، ولمرض في قلبي، مع العلم أنه في أمور العبادات، فكيف أتخلص من ذلك وأصبح ذا قلب سليم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فشعورك بالغيرة هو غبطة تكون محمودة في الطاعات إن لم تتضمن تمني زوال النعمة من الغير، وإلا كانت حسدا مذموما، كما بينا في الفتوى رقم: 134547، وتوابعها.

ومع هذا، فالأولى والأكمل أن يخلو القلب من المقارنة، والمنافسة مع الغير، قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في أمراض القلوب: ... فكان ما فعله عمر من المنافسة، والغبطة المباحة، لكن حال الصديق ـ رضي الله عنه ـ أفضل منه، وهو خال من المنافسة مطلقا، لا ينظر إلى حال غيره، وكذلك موسى صلى الله عليه وسلم في حديث المعراج حصل له منافسة وغبطة للنبي صلى الله عليه وسلم حتى بكى لما تجاوزه النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ـ أخرجاه في الصحيحين، وعمر ـ رضي الله عنه ـ كان مشبها بموسى، ونبينا حاله أفضل من حال موسى، فإنه لم يكن عنده شيء من ذلك، وكذلك كان في الصحابة أبو عبيدة بن الجراح، ونحوه كانوا سالمين من جميع هذه الأمور، فكانوا أرفع درجة ممن عنده منافسة وغبطة، وإن كان ذلك مباحا؛ ولهذا استحق أبو عبيدة ـ رضي الله عنه ـ أن يكون أمين هذه الأمة، فإن المؤتمن إذا لم يكن في نفسه مزاحمة على شيء مما ائتمن عليه كان أحق بالأمانة ممن يخاف مزاحمته.. وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا يوما جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يطلع عليكم الآن من هذا الفج رجل من أهل الجنة، قال فطلع رجل من الأنصار... إلى أن قال له عبد الله بن عمرو: ... فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال ما هو إلا ما رأيت، غير أنني لا أجد على أحد من المسلمين في نفسي غشا، ولا حسدا على خير أعطاه الله إياه، قال عبد الله: هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق، فقول عبد الله بن عمرو له: هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق، يشير إلى خلوه وسلامته من جميع أنواع الحسد، وبهذا أثنى الله تعالى على الأنصار فقال: ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ـ أي: مما أوتي إخوانهم المهاجرون، قال المفسرون: لا يجدون في صدروهم حاجة أي: حسدا وغيظا مما أوتي المهاجرون... انتهى بتصرف.

وننصحك بقراءة هذه الرسالة النافعة.

ولعل مما يعين على ذلك تذكر أن الله هو الذي يعطي، قال تعالى عن توبة إخوة يوسف: تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين { يوسف: 91}.

فاستشعروا أن الله هو الذي اختاره، فكيف يعادون حكمة الله؟ وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 171321.

ولا يكون التشجيع مع الغيرة المحمودة نفاقا، فإن الحض على الخير عبادة مقصودة، إذ هو من الدعوة إلى الله، ولا يخفى فضلها، وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 215896.

وراجعي للفائدة في تحصيل القلب السليم الفتوى رقم: 119847، وتوابعها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة