صحة قصة أبي حنيفة وجاره السكير

0 691

السؤال

كان لأبي حنيفة جار سكير فاسد، فنصحه؛ حتى تعب من كثرة نصحه فتركه، وذات يوم طرقت الباب زوجة السكير تدعو أبا حنيفة للصلاة على زوجها السكير، فرفض، وفي منامه جاءه السكير، وهو يتمشى في بساتين من الجنة، ويقول: قولوا لأبي حنيفة: الحمد لله أن الجنة لم تجعل بيده! فلما أفاق سأل زوجته عن حاله، فقالت: هو كما تعرف عنه، غير أنه كان في كل يوم جمعة يطعم أيتام الحي، ويمسح على رؤوسهم، ويبكي، ويقول: ادعوا لعمكم، فلعلها كانت دعوة أحدهم، فندم أبو حنيفة أشد الندم. إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها. فما صحة هذه القصة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم نقف بعد ما تيسر من البحث على  من ذكر هذه القصة، وقد وقفنا على قصة أخرى لأبي حنيفة مع جار له كان يشرب الخمر، قد ذكرها الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، حيث روى بسنده إلى عبد الله بن رجاء الغداني أنه قال: كان لأبي حنيفة جار بالكوفة إسكاف، يعمل نهاره أجمع، حتى إذا جنه الليل رجع إلى منزله، وقد حمل لحما فطبخه، أو سمكة فيشويها، ثم لا يزال يشرب، حتى إذا دب الشراب فيه غنى بصوت، وهو يقول: أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغر ـ فلا يزال يشرب ويردد هذا البيت حتى يأخذه النوم، وكان أبو حنيفة يسمع جلبته كل يوم، وكان أبو حنيفة يصلي الليل كله، ففقد أبو حنيفة صوته، فسأل عنه، فقيل: أخذه العسس منذ ليال، وهو محبوس، فصلى أبو حنيفة صلاة الفجر من غد، وركب بغلته، واستأذن على الأمير، قال الأمير: ائذنوا له، وأقبلوا به راكبا، ولا تدعوه ينزل حتى يطأ البساط، ففعل، فلم يزل الأمير يوسع له من مجلسه، وقال: ما حاجتك؟ قال: لي جار إسكاف أخذه العسس منذ ليال، يأمر الأمير بتخليته، فقال: نعم، وكل من أخذ في تلك الليلة إلى يومنا هذا، فأمر بتخليتهم أجمعين، فركب أبو حنيفة والإسكاف يمشي وراءه، فلما نزل أبو حنيفة مضى إليه، فقال: يا فتى، أضعناك؟ فقال لا، بل حفظت ورعيت، جزاك الله خيرا عن حرمة الجوار ورعاية الحق، وتاب الرجل ولم يعد إلى ما كان. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات