خطر الإصرار على الصغائر، وسبيل الخلاص

0 176

السؤال

هل تتحول الصغيرة إلى كبيرة إذا غلبت معاصي العبد على حسناته, أم هناك سبب آخر؛ لأني رأيت فتاوى مختلفة؟
فأرجو منكم أن تزيلوا عني هذا التخبط.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الذي يحول الصغيرة إلى كبيرة هو الإصرار عليها، فلا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار. كما رواه ابن جرير عن ابن عباس. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: .. ويل للمصرين، الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون.. رواه أحمد وصححه الألباني. وراجع الفتوى رقم: 127740 بعنوان: الإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة.
وفي خصوص كثرة المعاصي -ولو كانت صغيرة- فإنها من أسباب الهلاك؛ لما رواه الإمام أحمد وغيره، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم ومحقرات الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد، فجاء ذا بعود، وجاء ذا بعود حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه. صححه الألباني.

جاء في التيسير شرح الجامع الصغير للمناوي: ومحقرات الذنوب: صغائرها التي لا تستعظمونها، فلا تتحرزون عنها...

وقولنا: إنها من أسباب الهلاك، ليس معناه أن الشخص إذا كثرت معاصيه فلا أمل له في النجاة، وإنما تبقى الفرصة مفتوحة أمامه ما بقي من عمره بقية، فإذا تاب إلى الله تعالى توبة نصوحا، تاب الله عليه، وغفر ذنبه؛ فقد قال تعالى: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون {الشورى:25}. وقال الله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر: 53}. وقال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني. وفي الحديث القدسي: يا ابن آدم؛ إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم؛ لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم؛ لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة. رواه الترمذي، وصححه الألباني.

 وإذا لم يتب من الذنوب قبل موته، فمذهب أهل السنة أن من مات موحدا لله تعالى، مرتكبا للمعاصي والذنوب، فهو في مشيئة الله تعالى، إن شاء غفر له، وإن شاء عاقبه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات