الترهيب من الكذب ووسائل التخلي عنه

0 183

السؤال

أمي تعينني على الكذب بطريقة غير مباشرة، هل من وسائل لترك هذه العادة السيئة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فالأصل تحريم الكذب وأنه لا يجوز إلا في أحوال معينة بيناها في الفتوى رقم: 139250، وحيث كان الكذب محرما، فإنه لا يجوز الإقدام عليه لا إرضاء للأم ولا لغيرها؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه، والذي يعين على ترك هذا الخلق -نعني الكذب- أن يعرف المسلم فضيلة الصدق ومنزلة الصادق عند الله، وأن يعرف قبح الكذب، ومضرته في الدنيا والآخرة، فـ " الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق، ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، والكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب، ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا" كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه مسلم في صحيحه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله في فوائد حديث الثلاثة الذين خلفوا ما عبارته: ومنها: عظم مقدار الصدق، وتعليق سعادة الدنيا والآخرة، والنجاة من شرهما به، فما أنجى الله من أنجاه إلا بالصدق، ولا أهلك من أهلكه إلا بالكذب، وقد أمر الله سبحانه عباده المؤمنين أن يكونوا مع الصادقين، فقال: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة: 119] [التوبة: 119] . وقد قسم سبحانه الخلق إلى قسمين: سعداء، وأشقياء، فجعل السعداء هم أهل الصدق والتصديق، والأشقياء هم أهل الكذب والتكذيب، وهو تقسيم حاصر مطرد منعكس. فالسعادة دائرة مع الصدق والتصديق، والشقاوة دائرة مع الكذب والتكذيب، وأخبر سبحانه وتعالى: أنه لا ينفع العباد يوم القيامة إلا صدقهم؛ وجعل علم المنافقين الذي تميزوا به هو الكذب في أقوالهم وأفعالهم، فجميع ما نعاه عليهم أصله الكذب في القول والفعل، فالصدق بريد الإيمان ودليله ومركبه وسائقه وقائده وحليته ولباسه، بل هو لبه وروحه. والكذب: بريد الكفر والنفاق ودليله ومركبه وسائقه وقائده وحليته ولباسه ولبه، فمضادة الكذب للإيمان كمضادة الشرك للتوحيد، فلا يجتمع الكذب والإيمان إلا ويطرد أحدهما صاحبه، ويستقر موضعه، والله سبحانه أنجى الثلاثة بصدقهم، وأهلك غيرهم من المخلفين بكذبهم، فما أنعم الله على عبد بعد الإسلام بنعمة أفضل من الصدق الذي هو غذاء الإسلام وحياته، ولا ابتلاه ببلية أعظم من الكذب الذي هو مرض الإسلام وفساده، والله المستعان. انتهى.

فإذا تحقق المسلم هذه المعاني، واستقرت في قلبه سهل عليه ترك الكذب، وحرص على التخلق بالصدق في كل أحواله، ومما يعين على ذلك مجاهدة النفس وترويضها ودوام محاسبتها، ودوام المراقبة لله تعالى، واستحضار اطلاعه على ما يسره العبد ويعلنه، فيستحيي العبد من ربه أن يصعد إليه عمل يسخطه، ويعين على ذلك الاجتهاد في الدعاء، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه لسانا صادقا، رواه أحمد والترمذي عن شداد بن أوس رضي الله عنه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة