الأيمان التي يُكًفَرُ عنها حسب أقوال الفقهاء

0 289

السؤال

من عدة سنوات كنت أقسم بالله كثيرا. وفي أحوال كثيرة يكون القسم كاذبا والآن قد تبت إلى الله عن هذا الأمر وحاولت أن أحصي عدد الأيمان الكاذبة فوجدتها تجاوزت 200 يمينا.المشكلة أنني مقدم على الزواج الآن وأحتاج بشدة إلى الأموال. هل يجوز لي أن أكفر عن تلك الأيمان بالصيام أم يجب التكفير عنها بإطعام المساكين أولا حتى ينفذ ما لدي من مال؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فيجب عليك أن تكفر عن تلك الأيمان بالإطعام أولا، فإن لم تستطع فبصيام ثلاثة أيام عن كل يمين إذا كان المحلوف عليه أشياء مختلفة، وتفصيل ذلك في الفتوى رقم: 6869 ، ولا يلزمك أن تكفر حتى تستنفد كل ما في يدك من المال، بل لك أن تبقي من المال ما يقوم بضروراتك وحاجاتك، ومن ذلك الزواج إن تاقت نفسك إليه، وما بقي من الأيمان فيمكنك التكفير عنها بالصيام. وهذا في اليمين المعقودة.
أما اليمين الغموس وهي أن يحلف على أمر ماض كاذبا عامدا فإنها يمين بالله ولا تنعقد؛ لأن الحنث اقترن بها ظاهرا، وكذا باطنا على الأصح.
وتوسع المالكية في تفسير اليمين الغموس فأدخلوا فيها من حلف على أمر ماض شاكا أو ظانا. قال الدرديري: وفسرها بقوله: بأن شك الحالف في المحلوف عليه أو ظن ظنا غير قوي، وأولى إن تعمد الكذب.
وهل تجب الكفارة في اليمين الغموس أم لا ؟ في ذلك خلاف معروف، فمذهب الجمهور: أنها أعظم من أن تكفر، بل الواجب فيها التوبة فقط، واحتجوا بما يلي:
أولا: أنها يمين غير منعقدة؛ لأنه لا يتأتى فيها البر أصلا.
ثانيا: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبين للمتلاعنين وجوب الكفارة على الكاذب منهما.
وذهب الشافعية إلى وجوب الكفارة في اليمين الغموس واستدلوا بما يلي:
أولا: قوله تعالى: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم [البقرة:225].
فنفى المؤاخذة في يمين اللغو وأثبتها فيما كسب القلب، ويمين الغموس من ذلك، والمؤاخذة المبهمة في الآية مفسرة في الآية الأخرى بالكفارة، قال تعالى:لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام [المائدة:89].
ثانيا: جعل الله الكفارة على الأيمان كلها واستثنى يمين اللغو، وذلك في قوله تعالى: ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم [المائدة:89] فمن ادعى تخصيص العموم فعليه الدليل.
والأخذ بمذهب الشافعية هو الأحوط، وإن كان مذهب الجمهور أقوى دليلا.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة