النجاة بالستر على النفس مع التوبة الصادقة

0 1254

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
في الحقيقة أنا واقع في أزمة نفسية، وخائف من الله عز وجل، ومن عذابه، بسبب ما فعلته, والسبب أنني لم أفعل هذا الذنب في شبابي رغم أني غير محصن، وقتها، وعندما من الله علي وتزوجت، فعلت هذا الذنب الشنيع.
يا شيخنا أنا شاب أبلغ من العمر 36 سنة، وقد ارتكبت فاحشة الزنا بامرأة أجنبية خارج البلاد، وأنا متزوج منذ سنة.
المرة الأولى: قامت امرأة أجنبية بعمل مساج لي، ومن ثم فعل العادة السرية لي عن طريق يدها.
والمرة الثانية: استدعيت فتاة بمبلغ مالي، وقمت بارتكاب فاحشة الزنا بامرأة أجنبية، وذلك بإيلاج عضوي في مهبلها, ولا أدري والله ماذا أصابني حتى أفعل كل هذه المحرمات دون وعي مني، وكأنني مسحور.
والمرة الأخيرة: قامت فتاة بعمل العادة السرية لي، من خلال مساج عملته لي قبل رحيلي من هذه البلاد، والأدهى والأمر بأنني قابلت صديقتي، وهي من نفس بلادي في هذه البلاد، وسكنا سويا لمدة 4 أيام، وقمنا بتقبيل بعض عن طريق الفم، وبالأحضان دون عمل شيء، أو دون عمل زنا؛ لأننا كنا نذكر بعضنا بعدم فعل ذلك، علما بأنني أحب هذه الفتاة منذ 13 سنة، ولم أستطع مقابلتها؛ لذلك قابلتها في هذه البلاد القريبة من بلادي.
فهل لي يا شيخنا من توبة، أو من سبل للتوبة, وهل أذهب للمحكمة، وأقر بأنني زنيت حتى أرجم وأموت، وأنا منته من هذا الذنب الكبير, والله إنني خائف جدا، ولا أدري ماذا أصابني حتى أفعل كل هذه الذنوب، والكبائر رغم أنني لم أفعلها في شبابي؟
أرجوكم يا شيخ أنقذوني من هذا الكرب, فو الله إنني أعيش في حالة نفسية داخلية رهيبة، ولا أعرف ماذا أفعل، وكلما فعلت الطاعات، أو صليت كعادتي في المسجد، أخجل، وأقول بأن ربي لن يقبل توبتي، ولن يصفح عني، وهو ما يجعلني أتشاءم جدا، وأخاف أكثر وأكثر, علما بأنه ليس لدي حسن ظن بالله, فكلما أفعل الطاعات حتى قبل ذنبي العظيم هذا, أقول في نفسي بأن الله لن يقبل مني؛ لأني لست ملتزما.
فأرجوكم أنقذوني، يعلم الله أنني خائف جدا، ولا أدري كيف أنجو، أو أمسح وصمة العار في حياتي هذه أمام ملك الملوك.
فأرجوكم أخبروني ما الحل, هل أذهب للمحكمة وأقر بذنبي؛ لأني زان محصن؟
وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن التوبة من هذا الذنب واجبة، ولا يلزمك الذهاب لمن يقيم الحد عليك، وإنما ينبغي لك ستر نفسك، والندم على ما فات، وصدق العزم على أن لا تعود إليه، وأكثر من الاستغفار، والأعمال الصالحة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه. رواه البخاري.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:... أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله، فإنه من يبد لنا صفحته، نقم عليه كتاب الله. رواه مالك في الموطأ.
وقال الله سبحانه وتعالى في الحض على التوبة والإكثار من الطاعة: إن الحسنات يذهبن السيئات (هود: 114)، وقال تعالى: وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى (طـه:82).
قال الله تعالى: كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم {الأنعام: 54}.

وقال في صفات عباد الرحمن: والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما {الفرقان: 68-70}.

وأخرج الترمذي وغيره، وصححه الألباني عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: يابن آدم إنك ما دعوتني، ورجوتني، غفرت لك على ما كان فيك، ولا أبالي. يا بن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني، غفرت لك، ولا أبالي.

 واعلم أن قلقك من هذا الذنب، واستعظامك له، يدل على إيمانك؛ فقد أخرج البخاري في الصحيح عن عبد الله بن مسعود، قال: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه، فقال به هكذا. اهـ.

 ولكنه يجب الحذر من القنوط، واليأس من رحمة الله، ومن سوء الظن بالله تعالى، فكل هذه الأشياء محرمة، فحسن الظن بالله، وثق بأنه يقبل توبة التائب الصادق في توبته، ويمحو عنه ما اقترف، وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له؛ كما في الحديث.

واستر نفسك، ولا تخبر أحدا بما حصل، واعزم أن لا تعود لمثل هذا، وأن لا تتعامل مع النساء في شأن المساج، ولا الخلوة بهن، واحمد الله أن وفقك للزواج، فاستعف بزوجتك عن الحرام.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة