الظن المحمود والظن المذموم من عدم قبول العبادة

0 184

السؤال

هل الذي يظن أن أعماله وصلواته ليست متقبلة قد أساء الظن بالله؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالخوف من عدم قبول العبادة إذا كان الحامل عليه خوف العبد من تقصيره فيها وأنه ربما لم يؤدها كما يريد الله تعالى وأنها دون ما يستحقه الله تعالى من العبادة، فإن هذا ليس فيه سوء ظن بالله تعالى، بل هذا الخوف من صفات عباد الله المؤمنين الذين أثنى عليهم بها في كتابه، كما قال تعالى في سورة المؤمنون: والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون {المؤمنون: 60ـ  61}.

وقد روى الترمذي في سننه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة ـ قالت عائشة: أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات.

قال الشيخ السعدي في تفسيره: والذين يؤتون ما آتوا ـ أي: يعطون من أنفسهم مما أمروا به، ما آتوا من كل ما يقدرون عليه، من صلاة، وزكاة، وحج، وصدقة، وغير ذلك، ومع هذا: قلوبهم وجلة ـ أي: خائفة: أنهم إلى ربهم راجعون ـ أي: خائفة عند عرض أعمالها عليه، والوقوف بين يديه، أن تكون أعمالهم غير منجية من عذاب الله، لعلمهم بربهم، وما يستحقه من أصناف العبادات. اهـ.

وينبغي أن يصاحب هذا الخوف أيضا برجاء الله تعالى أن يتقبل طاعته، فيخاف من عدم القبول ويرجو من الله أن يتقبلها برحمته.

وأما إذا كان الحامل على ذلك الخوف الظن بأن الله تعالى لا يتقبل من عباده الطاعات التي أخلصوا فيها وأدوها كما يحب وأنه تعالى يضيع أعمالهم، فإن هذا سوء ظن بالله تعالى وذلك أن الله تعالى وعد بقبول الأعمال الصالحة وأنه لا يضيعها ولا يترها، كما قال تعالى: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا.

وقوله تعالى: أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى.

وقوله تعالى: وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين.

وقوله: ولن يتركم أعمالكم ـ أي: ولن يحبطها ويبطلها ويسلبكم إياها، بل يوفيكم ثوابها ولا ينقصكم منها شيئا.

وكما قال تعالى: وما تفعلوا من خير فلن تكفروه ـ بالتاء في قراءة متواترة والمعنى أي: لا يضيع عند الله، بل يجزيكم به أوفر الجزاء ، فمن ظن أن الله يخلف وعده فقد أساء الظن به سبحانه وتعالى.

ونسأل الله أن يعفو عن تقصيرنا ويتقبل أعمالنا.

والله أعلم. 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات