إنفاق المال على الحوائج قبل الحج بين الإثم وعدمه

0 192

السؤال

قام والدي ببيع أحد العقارات بمبلغ ‏‏250 ألف جنيه، 110 آلاف جنيه ‏ديون عليه، ثم قام بتقسيم 140 ألفا ‏المتبقية بين تغيير السيارة؛ لكثرة ‏مشاكلها، واحتياجه سيارة حالتها ‏جيدة؛ لكثرة السفر. وبين إعطاء ‏مبلغ لابنه للزواج، وبين استكمال ‏مشروع خاص به، مع العلم أنه لم ‏يحج بيت الله الحرام سابقا.
فهل ‏ينبغي عليه ألا يؤجل الحج طالما أن عنده ‏أموالا أم لا شيء عليه؛ لأنه بعد ‏القسمة التي ذكرتها لا يبقى شيء ‏تقريبا؟
وهل عليه زكاة مال عن هذا ‏المبلغ 250 ألف أم تحسب الزكاة ‏بعد سداد الدين؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فحجة الإسلام إنما تجب على من ‏فضل عنده مال عن النفقات، ‏والحوائج الأصلية. كما قال صاحب ‏الزاد: من وجد زادا، أو راحلة ‏صالحين لمثله، بعد قضاء الواجبات، ‏والنفقات الشرعية، والحوائج ‏الأصلية. اهــ.

وقد قدمنا في الفتوى ‏رقم: 23574 أن نفقة تزويج الابن ‏غير واجبة على أبيه، في قول ‏جمهور أهل العلم، وأن الحج يقدم ‏على تزويج الأبناء، وكذا يقدم الحج ‏على المشاريع التي ليست من ‏الحوائج الأصلية. فإذا كانت النفقات ‏التي أنفق فيها والدك المال، من ‏الحوائج الأصلية التي لا غنى له ‏عنها، وما بقي لا يكفي للحج، فإنه ‏غير مستطيع، ولا يطالب به. وإذا لم ‏تكن من الحوائج الأصلية، وأنفقها ‏بعد وجوب الحج عليه، فإنه يأثم ‏لكونه قادرا على الحج، وقد تركه بعد ‏وجوبه عليه. 

ولو أنفقها في تلك ‏الحوائج قبل دخول وقته، فرارا من ‏الحج، فربما أثم؛ لأنه تحايل لإسقاط ‏واجب، كمن أبدل المال بغير جنسه، ‏أو أنقصه عن النصاب قبل وجوب ‏الزكاة فرارا منها، وقد نص الفقهاء ‏على تحريم التحيل لإسقاط الزكاة، ‏ولو فعل لم تسقط، كمن أبدل ‏النصاب من الماشية بغير جنسه، ‏فرارا من الزكاة، أو أتلف، أو ‏استهلك جزءا من النصاب عند قرب ‏الحول.‏
وأما إذا أنفقها في تلك المشاريع قبل ‏دخول وقت الحج، ولم يفعل ذلك فرارا ‏من الحج. فالذي يظهر أنه لا إثم عليه؛ ‏لأنه لم يجب عليه الحج في ذلك ‏الوقت قبل دخول وقته، ولا يجب ‏عليه الادخار للحج، ولربما مات قبل ‏دخول وقت الحج، فلا يمنع من ‏التصرف في ماله بالهبة ونحوها.‏
ونرى أن الوقت المعتبر للقول بأن ‏الحج يلزمه هذه السنة - ما دام ‏مستطيعا ماديا وبدنيا - إذا بدأت ‏الدولة بفتح بابه، بالبدء بإجراءات ‏الحج من التسجيل ونحو ذلك؛ لأنه ‏قبل ذلك غير قادر على الذهاب، فلم ‏يلزمه السعي إليه، وذلك أخذا ‏مما اشترطه الفقهاء في لزوم السعي ‏إلى الحج أن يكون في وقت المسير‏. قال ابن مفلح في لزوم الحج: إذا ‏كان في وقت المسير أي: يكون ‏الوقت متسعا للخروج إليه، بحيث ‏يمكنه المسير بما جرت به العادة، ‏فلو أمكنه أن يسير سيرا يجاوز ‏العادة لم يلزمه ... اهــ.
وأما الزكاة فإنه يخصم قيمة الدين، ثم ‏يزكي ما بقي إن كان نصابا بعد ‏حولان الحول عليه، فيخرج منه ربع ‏العشر أي 2.5 %، ولا يخصم غيره ‏من النفقات الشخصية عند وجوب ‏الزكاة في المال؛ وانظر الفتوى رقم: ‏‏240688 عن حكم خصم الدين ‏والمصارف الشخصية من الزكاة.‏
والله أعلم. ‏

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة