المناسب لمن تاب واستقام، وله أصدقاء عصاة أن يتألف قلوبهم

0 143

السؤال

أصدقائي بعدما تدينت ابتعدت عنهم من غير قصد، بل شغلت بقراءة الكتب، ونحو ذلك، فظنوا أني تركتهم، ثم لما رجعت وبدأت بالاحتكاك بهم مجددا عاملوني معاملة سيئة إلا قليلا منهم، والمشكلة أن بعضهم يلح علي أن أخرج معهم، ومنهم من يسب الدين، ويغتاب، ويشتم، ويتعرض للفتيات، ومع كل هذا منهم من يطلب ألا أضجر من ذلك وأسكت، فماذا أفعل حيالهم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله لك الثبات على الهداية، ونسأل الله لأصحابك التوبة، والاستقامة.

ثم المناسب لمن تاب واستقام، وقد كان له أصدقاء عصاة أن يتألف قلوبهم، وأن يدعوهم إلى الله ـ تبارك ‏وتعالى ـ بالحكمة، والموعظة الحسنة، وأن يصبر على أذاهم -لعل الله يمن عليهم بالهداية كما هداه- قال تعالى: ‏‏ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة {النحل:125}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك ‏حمر النعم. متفق عليه.

والأولى في حالتك أن تحرص على دعوتهم دعوة فردية؛ كل واحد منهم على حدة، فإن ذلك أرجى للقبول، ‏وأدعى ألا يفتنوك، ولا يمنعنك من حسن دعوتهم إلى الله سوء معاملة بعضهم لك، فإن طريق الدعوة محفوف بالصعاب، قال ‏تعالى: يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور{لقمان:17}.‏

فمن صلح منهم، واستقام على أمر الله فاصحبه متواصيا معه بالحق، والصبر، ومن أصر منهم على المعصية، ‏وأبى التوبة فلا تصحبه، واستمر على دعوته ما دمت ترجو منه خيرا، فإن مصاحبة الأشرار تدخلك مدخلهم، كما قال ‏النبي صلى الله عليه وسلم: الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أبو داود، وحسنه ‏الألباني.‏

وما ذكرته من وقوع بعضهم في مكفرات الأقوال، كسب الدين، ومنكرات الأقوال والأفعال، كالغيبة، والمعاكسات خطير جدا، فيجب عليك إنكارها، ‏ويحرم عليك إقرارها، والسكوت عليها، فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‏‏إن أول ما دخل النقص في بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا، اتق الله، ودع ما تصنع، فإنه لا ‏يحل لك، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله، فلا يمنعه ذلك من أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله ‏قلوب بعضهم ببعض، ثم قال: لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون * إلى قوله: فاسقون } {المائدة:78 ـ 81 }، ثم قال:  :كلا والله لتأمرن بالمعروف، ‏ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرا، ولتقصرنه على الحق قصرا، أو ليضربن الله ‏بقلوب بعضكم على بعض، ثم ليلعنكم كما لعنهم. رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حديث حسن . ‏

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة