مدى جواز الدعاء على شخص معين بالموت إن لم تُكتب له الهداية

0 110

السؤال

ما حكم الدعاء بالموت على شخص ثم مات، علما بأن الداعي قال: اللهم لا تجعل مدته تطول إن لم تكتب له هداية ـ ثم بعدها بمدة مات ومات شخص آخر من أجل الوقوف معه؟ وهل الذي يدعو عليه آثم مع أنني لا أدري أمات بسبب الدعاء أم لا؟ والسبب هو أن الذي مات نهي عن فعل معين فأبى وقال إن المعصية في رقبتي.. فماذا على هذا الإنسان؟..

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بينا حكم الدعاء على العاصي في الفتوى رقم: 157321، وقد رجحنا فيها أن الدعاء على المسلم المعين الواقع في المعصية لا يجوز، بخلاف ما إذا كان الدعاء عليه بسبب ظلمه وإيذائه فإنه يجوز، ومن كان هذا شأنه يجوز الدعاء عليه بالموت، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 20322.

وأما الدعاء بـأن يهلكه الله إن لم يكتب له الهداية: فالظاهر أنه لا بأس به، بل هو نوع من التخفيف عنه، فكلما كثر بقاؤه كثرت ذنوبه، وقد دعا نوح على قومه لما أعلمه الله أنهم لا يؤمنون، قال الشنقيطي في أضواء البيان: قوله تعالى: فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم ـ الآية، بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن نبيه إبراهيم قال: إن من تبعه فإنه منه، وأنه رد أمر من لم يتبعه إلى مشيئة الله تعالى، إن شاء الله غفر له، لأنه هو الغفور الرحيم، وذكر نحو هذا عن عيسى ابن مريم في قوله: إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ـ5 118ـ وذكر عن نوح وموسى التشديد في الدعاء على قومهما، فقال عن نوح إنه قال: رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا... إلى قوله: فاجرا كفارا ـ 71 26، 27 ـ وقال عن موسى إنه قال: ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ـ10 88 ـ والظاهر أن نوحا وموسى عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام ما دعوا ذلك الدعاء على قومهما إلا بعد أن علما من الله أنهم أشقياء في علم الله لا يؤمنون أبدا، أما نوح فقد صرح الله تعالى له بذلك في قوله: وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ـ11 36ـ وأما موسى: فقد فهم ذلك من قول قومه له: مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين ـ7 132ـ فإنهم قالوا هذا القول بعد مشاهدة تلك الآيات العظيمة المذكورة في الأعراف وغيرها. انتهى.

 ويشبه هذا من بعض الوجوه ما ثبت في الصحيحين عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلا، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي.

ومع هذا، فالأولى الدعاء له بالهداية، كما كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وانظر الفتوى رقم: 64779

وموت الشخص الآخر في محاولة الوقوف معه لم يكن بسبب الداعي، فلا يأثم به، ولا يمكن القطع بأن الوفاة إنما كانت بسبب الدعاء، فقد تكون بسبب آخر، وانظر كلام القرطبي في الفتوى رقم: 253687.

وراجع الفتوى رقم: 177349.

والله أعلم.

مواد ذات صلة