صفات الله تعالى نعلم معناها ولا نعقل كيفيتها

0 159

السؤال

الله ليس يشبهه أحد أبدا ولكن الله له صفة الملك، واسم الملك، فنحن نعلم علم اليقين أن الله ملك لهذا الكون أجمع، فكيف أجمع بين أن أكون عارفا لمعنى هذه الصفة وبين قوله تعالى: ليس كمثله شيء وهو السميع العليم؟ فقد قرأت أن الصفة معروفة والكيفية مجهولة، إذا فكيف أجمع بين أن تكون الكيفية مجهولة ونحن نعلم أن الله ملك لجميع هذا العالم؟ وما هي الكيفية المجهولة في هذه الصفة وأين تكون؟ بودي أن توضحوا لي قواعد في الأسماء والصفات.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجب التفريق بين الصفات وبين آثارها وشواهدها، فالصفات نعلم معناها ولا نعقل كيفيتها، وأما آثار الصفات وشواهدها فنعلم معناها ونعقل كيفيتها بما نشاهده في الخارج، قال الله تعالى: فانظر إلى آثار رحمت الله كيف يحي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحي الموتى وهو على كل شيء قدير {الروم:50}.

فهذه الآثار والشواهد مما نراه من المخلوقات هي دالة على الخالق وصفاته ونعوت جماله وجلاله، ومن ذلك ما ذكرته فإنه من آثار وشواهد صفة الملك، قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في مدارج السالكين: يثبت العلم بربوبيته ووحدانيته، وصفات كماله بآثار صفته المشهودة، والقرآن مملوء بذلك، فيظهر شاهد اسم: الخالق ـ من نفس المخلوق، وشاهد اسم: الرازق ـ من وجود الرزق والمرزوق، وشاهد اسم: الرحيم ـ من شهود الرحمة المبثوثة في العالم، واسم: المعطي ـ من وجود العطاء الذي هو مدرار لا ينقطع لحظة واحدة، واسم: الحليم ـ من حلمه عن الجناة والعصاة وعدم معالجتهم، واسم: الغفور والتواب ـ من مغفرة الذنوب، وقبول التوبة، ويظهر شاهد اسمه: الحكيم ـ من العلم بما في خلقه وأمره من الحكم والمصالح ووجوه المنافع، وهكذا كل اسم من أسمائه الحسنى له شاهد في خلقه وأمره، يعرفه من عرفه ويجهله من جهله، فالخلق والأمر من أعظم شواهد أسمائه وصفاته، وكل سليم العقل والفطرة يعرف قدر الصانع وحذقه وتبريزه على غيره، وتفرده بكمال لم يشاركه فيه غيره من مشاهدة صنعته، فكيف لا تعرف صفات من هذا العالم العلوي والسفلي وهذه المخلوقات من بعض صنعه؟ وإذا اعتبرت المخلوقات والمأمورات، وجدتها بأسرها كلها دالة على النعوت والصفات، وحقائق الأسماء الحسنى، وعلمت أن المعطلة من أعظم الناس عمى بمكابرة، ويكفي ظهور شاهد الصنع فيك خاصة، كما قال تعالى: وفي أنفسكم أفلا تبصرون { الذاريات: 21} فالموجودات بأسرها شواهد صفات الرب جل جلاله ونعوته وأسمائه، فهي كلها تشير إلى الأسماء الحسنى وحقائقها، وتنادي عليها، وتدل عليها، وتخبر بها بلسان النطق والحال، كما قيل:

تأمل سطور الكائنات فإنها ... من الملك الأعلى إليك رسائل
وقد خط فيها لو تأملت خطها ... ألا كل شيء ما خلا الله باطل

تشير بإثبات الصفات لربها ... فصامتها يهدي ومن هو قائل

فلست ترى شيئا أدل على شيء من دلالة المخلوقات على صفات خالقها، ونعوت كماله، وحقائق أسمائه، وقد تنوعت أدلتها بحسب تنوعها، فهي تدل عقلا وحسا، وفطرة ونظرا، واعتبارا. انتهى.

وللفائدة يرجى مراجعة الفتاوى التالية أرقامها ففيها ذكر بعض قواعد الأسماء والصفات لله عز وجل: 27018، 120021، 161839، 50216، 229333، 146687.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة