وصف مقترف الفواحش بالمريض يصح من وجه دون وجه

0 112

السؤال

هل السحاق واللواط والزنا ونكاح البهائم والاستمناء ونكاح المرأة في الحيض والنفاس وفي الدبر كلها أمراض نفسية خارجة عن إرادة الإنسان ولا يأثم بفعلها إطلاقا، لأنه لا دخل له فيها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه الفواحش والمنكرات يصح تسميتها أمراضا باعتبار خروجها بصاحبها عن حال الاعتدال الواجب، وهي في الحقيقة أمراض للقلوب قبل الأبدان، كما قال تعالى: لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا {الأحزاب: 60}.

قال العز بن عبد السلام في تفسيره: والذين في قلوبهم مرض ـ الزناة أو أصحاب الفواحش والقبائح. اهـ.

وقال ابن عطية في المحرر الوجيز في تفسير هذا المرض: هو الغزل وحب الزنا، قاله عكرمة، ومنه قوله تعالى: فيطمع الذي في قلبه مرض {الأحزاب: 32}. اهـ.

وقال القاسمي في محاسن التأويل: أي ضعف إيمان، عن مراودة النساء بالفجور. اهـ.

وقال الراغب في المفردات: المرض: الخروج عن الاعتدال الخاص بالإنسان، وذلك ضربان:

الأول: مرض جسمي، وهو المذكور في قوله تعالى: ولا على المريض حرج {النور: 61} ولا على المرضى {التوبة: 91}.

والثاني: عبارة عن الرذائل كالجهل، والجبن، والبخل، والنفاق، وغيرها من الرذائل الخلقية، نحو قوله: في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا {البقرة: 10}. اهـ.

ولكن ليس معنى كونها أمراضا أنها خارجة عن إرادة الإنسان فلا يأثم بفعلها!!! فهذا لا يقوله عاقل فضلا عن عالم، وإنما سبب تشبيهها بالأمراض ـ كما يقول الراغب الأصفهاني: لكونها مانعة عن إدراك الفضائل؛ كالمرض المانع للبدن عن التصرف الكامل، وإما لكونها مانعة عن تحصيل الحياة الأخروية المذكورة في قوله: وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون {العنكبوت: 64} وإما لميل النفس بها إلى الاعتقادات الرديئة ميل البدن المريض إلى الأشياء المضرة. اهـ.

ولو كانت الفواحش لا يأثم فاعلها لكونها خارجة عن إرادته، لما وقع التكليف الشرعي بتركها، ولما جاء الوعيد على فعلها، والحاصل بخلاف هذا! فالفواحش كلها قد نهى عنها االشرع وتوعد فاعليها، قال تعالى: ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن {الأنعام: 151}.

وقال سبحانه: قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن {الأعراف: 33}.

وقال عز وجل: ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا {الإسراء: 32}.

وقال تبارك وتعالى: والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا {الفرقان: 68ـ 69}.

وقال عن قوم لوط: إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون {العنكبوت: 34}.

وقال: فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد {هود: 82ـ 83}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة