والداه يصران على وضع مالهما في بنك ربوي فما حكم طعامه وكسائه

0 166

السؤال

أنا من مصر. ورد عن دار الإفتاء ‏المصرية فتوى تبيح فيها الانتفاع ‏بالعوائد الثابتة، التي يمنحها البنك ‏على الوديعة التي يودعها العميل ‏للبنك؛ معللين ذلك بأن البنك يعطي ‏الفائدة من خلال استثماره للأموال في ‏المشاريع الحكومية، وغيرها، وليس ‏من فوائد القروض.‏
‏ وإليكم بيانا عن نص الفتوى:‏
‏((وأوضح البيان أن رأي دار الإفتاء ‏المصرية الحالي، في التعامل مع ‏البنوك، مغاير لما ورد في الفتوى ‏القديمة التي صدرت قبل أربعين سنة، ‏في عهد فضيلة المفتي الأسبق الشيخ ‏أحمد هريدي رحمه الله تعالى.‏
‏ وعللت ذلك بأن واقع البنوك الآن قد ‏تغير؛ فلا وجود الآن لغطاء ذهبي ‏حتى تعامل أوراق البنكنوت معاملة ‏النقدين، كما قد تغير التكييف القانوني ‏للمعاملات البنكية، في تعديلات ‏قانون البنوك الأخير إلى "الاستثمار" ‏بدلا من "القرض" في القانون القديم.‏
‏ وأضاف أنه إذا كان العلماء قد اتفقوا ‏على حرمة الربا، فإنهم قد اختلفوا في ‏حكم الفوائد البنكية بعد ذلك، لا ‏لخلافهم في حكم الربا، لكن لخلافهم ‏هل هي من قبيل الربا أصلا أم لا؟ ‏وهذا الخلاف سببه خلافهم في ‏تصويرها، وتكييفها.‏
واقع لا يرتفع.‏
وأكدت دار الإفتاء أنها تدرك هذا ‏الخلاف، وترى أنه واقع لا يرتفع، ‏وأن من أراد أن يحتاط لنفسه، فلا ‏حرج عليه، من غير أن يلزم غيره ‏به، أو يتخذه دينا يوالي، ويعادي ‏عليه، وفي الوقت ذاته ترى أن القول ‏الذي ذهب إلى توصيف المعاملة بين ‏البنك، والمودع، والمستثمر، بأنها ‏صورة جديدة، جائزة، من صور ‏الاستثمار، هو المختار، المفتى به.‏
وشددت على أنه يجوز للمسلم أن ‏يودع هذه الأموال التي يستثمرها له ‏البنك، ويجوز له أخذ العائد ‏الاستثماري عن هذا المبلغ وإن كان ‏مـحددا، كما يجوز للبنك أن يأخذ ‏كذلك العائد المتفق عليه مع أصحاب ‏المشروعات الكبيرة، التي قام البنك ‏بتمويلها، فهذه المعاملة هي تـمويل، ‏واستثمار وليست قرضا، وهي من ‏العقود الجديدة غير المسماة التي ‏يجوز استحداثها.‏
‏ وأشارت إلى أنه يقوي هذا أيضا ‏أمور، منها: أن البنوك مؤسسات ‏عامة، وكيانات تتعلق باقتصاد الدول ‏ومصالح الشعوب، والمجتمعات، لا ‏بتعاملات الأفراد، وولي الأمر الممثل ‏في الدولة، له أن يتخير من الأمور ‏الخلافية في الفقه الإسلامي ما يحقق ‏المصلحة، فله أن يختار رأي من لا ‏يجري الربا إلا في النقدين))‏
‏ والآن أنا في شك من أمري؛ لقلة ‏علمي بالشؤون الاقتصادية، وأفضل ‏الابتعاد عن الشبهة بأي ثمن، ولو ‏كان عندي أموال في تلك البنوك ‏لسحبتها في الحال، ولكن أنا طالب ‏يعولني أبواي، وهما مقتنعان تماما ‏بما ورد في فتوى دار الإفتاء ‏المصرية، وقد حاولت أن أنصح ‏أمي، وأرجوها أن تطهر الأموال ‏حيث إنها قد تكون من الربا المحرم، ‏ولكنها رفضت بشدة، وقالت إنها على ‏اقتناع بالفتوى، كما أشرت عليها أن ‏تضعها في بنك فيصل الإسلامي، أو ‏بنك البركة لكنها تظن أن هذه البنوك ‏ظاهرها إسلامي، ولكنها كمثلها من ‏البنوك التقليدية، فقط ستار.‏
‏ فهل طعامي، وكسائي من ذلك المال ‏حرام؟ وهل أنا واقع في سخط الله؟
‏ويعلم الله أنه ليست بيدي حيلة، ولو ‏كان الأمر بيدي لما ترددت.‏
‏ وماذا علي إن استمرا في الرفض؟ ‏وهل يجوز لي أن أعول على تلك ‏الفتوى (فتوى دار الإفتاء) حتى يمكن ‏الله لي مالا أعول به نفسي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فهذه الفتوى باطلة، لا تحل ما حرم الله، ولا يجوز التعويل عليها، وقد عارضها الكثير من علماء الأزهر الأكابر؛ وانظر الفتويين: 97115، 30543.

وراجع للفائدة الفتويين: 39555، 49918.

وقد بينا بالفتوى رقم: 100428، وتوابعها حكم الأكل من مال الوالد الذي له تعاملات ربوية، فراجعها.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 136710، ففيها إجابة أكثر ما سألت عنه.

ونسأل الله أن يجنبك الحرام، والشبهات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات