حكم من واصل التفكير في الشهوة حتى أنزل المني وهو صائم

0 222

السؤال

حكم المالكية في الإفطار بسبب ‏التفكير.‏
ساعدوني رجاء.‏
‏ أنا فتاة عمري 23 سنة، وأعلم ‏أن الاستمناء في رمضان يبطل ‏الصوم، إلا أنني في يوم من رمضان ‏عندما استيقظت من النوم، شرعت ‏أفكر في رجل، كنت أريد الزواج به، ‏لكن تلك الأفكار التي كانت تراودني ‏بخصوصه، لم تكن تصورات محرمة ‏‏(جنسية) إلا أنني حساسة، فأنزل فقط ‏بمجرد التفكير في رجل أحبه. عندما ‏كنت أفكر، كنت أظن أن الإنزال ‏بطريقة التفكير لا يبطل الصوم، ‏لكنني لم أكن متأكدة، فذهبت للاطلاع ‏على شبكة الإنترنت، فرأيت أن هذا ‏يفطر عند المالكية، وهو المذهب ‏الذي يتبع في بلدي. فندمت ندما ‏شديدا، وصليت ركعتين لكي أتوب ‏إلى الرحمن عز وجل، وقررت أن ‏أصوم شهرين متتابعين، إلا أن الأمر ‏صعب بسبب الأسئلة التي سوف ‏يطرحها علي والدي.
فرأيت بعد ذلك ‏أن إماما من المالكية، يرى أنه يجب ‏فقط قضاء ذلك اليوم دون الكفارة.
‏فهل يجوز لي اتباعه؟ وهل يعتبر ‏اتباعه احتيالا؟ وإن كان كذلك هل ‏يجوز لي انتظار فصل الشتاء لصوم ‏الشهرين المتتابعين؟‏
جزاكم الله خيرا.‏

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:          

فالذي يظهر لنا أن ما ينزل منك في ‏مثل هذه الحالة، هو المذي، وليس ‏المني؛ لأنه (المذي) هو الذي ينزل ‏غالبا عند اللذة الحاصلة من التفكر.

‏وسواء كان منيا، أو مذيا، فكان ‏الواجب عليك الابتعاد عن مثل هذه ‏الأفكار، وخصوصا في نهار رمضان.

  ‏أما وقد حصل ما حصل - إذا اعتبرنا ‏النازل منيا - فالذي نص عليه ‏المالكية أن من واصل التفكر فيما ‏يشتهى، وهو صائم، حتى أنزل، فعليه ‏القضاء، والكفارة، وقال البعض إن ‏لم يواصل الفكر، فعليه القضاء فقط ‏دون الكفارة.

  جاء في مواهب الجليل ‏للحطاب المالكي:‏ وقال الشيخ زروق في شرح الإرشاد ‏في قوله: والقبلة، والملاعبة: وما ‏ذكره من كراهة القبلة وما في ‏معناها، هو المشهور، إن علمت ‏السلامة من المني، والمذي، والإنعاظ. ‏وإن علم نفيها، أو اختلف حاله، ‏حرمت، وكذا إن شك، على الأرجح ‏من قولين حكاهما ابن بشير ‏بالكراهة، والتحريم، ولا قضاء في ‏مجردها. فإن أنعظ، أو أمذى، قضى ‏على المشهور، وإن أمنى قضى، ‏وكفر على المشهور. انتهى. 

 وفي منح الجليل لمحمد عليش ‏المالكي:‏ ابن رشد: تحصيل القول في هذه ‏المسألة: أنه إن نظر، أو تذكر قاصدا ‏التلذذ به، أو لمس، أو قبل، أو باشر ‏فسلم، فلا شيء عليه، وإن أنعظ ولم ‏يمذ، ففيه ثلاثة أقوال، أحدها: عليه ‏القضاء. والثاني: لا شيء عليه. ‏والثالث: الفرق بين المباشرة، ففيها ‏القضاء، وما دونها لا قضاء فيه. وإن ‏أمذى فعليه القضاء، إلا أن يحصل ‏عن نظر، أو فكر بلا قصد، ولا متابعة ‏فقولان: أظهرهما لا قضاء عليه، وإن ‏أنزل فثلاثة أقوال، قول مالك -رضي ‏الله تعالى عنه -فيها عليه القضاء، ‏والكفارة مطلقا. وأصحها قول ‏أشهب: لا كفارة عليه، إلا أن يتابع ‏حتى ينزل. وثالثها: الفرق بين ‏اللمس، والقبلة والمباشرة، فيكفر ‏مطلقا، والنظر والتفكر لا كفارة عليه ‏فيهما، إلا أن يتابع حتى ينزل، وهذا ‏ظاهر قول ابن القاسم فيها. انتهى.
 وبناء على ما سبق، فمن واصل ‏التفكير حتى أنزل، فقد وجب عليه ‏القضاء والكفارة، وإن لم ‏يواصل التفكير، فعليه القضاء فقط ‏عند بعض المالكية، وهو قول يسوغ ‏تقليده، ولا حرج، بل إن ابن رشد ‏وهو جادة المذهب قال عنه: وهو ‏أصحها.

 ثم اعلمي أن الكفارة هنا على ‏التخيير عند المالكية بين ثلاثة أمور، ‏وهي: إطعام ستين مسكينا، أو عتق ‏رقبة، أو صوم شهرين.
جاء في شرح الخرشي المالكي:‏ والمعنى: أن كفارة الفطر في ‏رمضان على التخيير، فإن شاء ملك ‏ستين مسكينا، والمراد به ما يشمل ‏الفقير، لكل واحد مد، بمده -عليه ‏الصلاة والسلام -فلا يجزئ غداء، ‏وعشاء، خلافا لأشهب. وإن شاء ‏أعتق رقبة مؤمنة، بشرط كمالها، ‏وتحريرها للكفارة، وسلامتها من ‏عيوب لا تجزئ معها، وإن شاء صام ‏شهرين متتابعين، وأن ينوي بهما ‏الكفارة، لكن أفضل هذه الأنواع ‏الإطعام؛ لأنه أشد نفعا لتعديه، والذي ‏يظهر أن العتق أفضل من الصوم؛ ‏لأنه متعد للغير، وقيل الصوم ‏أفضل. انتهى.

وتراجع الفتوى ‏رقم: 56051‏.

والله أعلم.‏
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة