الآيات والأحاديث الدالة على أن الإسلام مبشر به في التوراة والإنجيل

0 389

السؤال

هل يمكن أن تعطوني كل الآيات والأحاديث التي تشير إلى الإسلام من التوراة أو الإنجيل مثل آية: محمد رسول الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإنه يصعب حصر الآيات، والأحاديث التي تشير إلى أن دين الإسلام، والقرآن، ومحمدا صلى الله عليه وسلم قد جاء ذكرهم في التوراة، والإنجيل، ولكن نذكر طائفة منها فيها كفاية وغنية إن شاء الله.
فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- في كتابه: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح طائفة من الآيات فقال: فلا ريب عند علماء المسلمين أن المسيح - عليه السلام - بشر بمحمد صلى الله عليه وسلم - كما قال - تعالى -: {وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد} [الصف: 6] . وقد قال - تعالى -: {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم} [الأعراف: 157] . وقال - تعالى -: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار} [الفتح: 29] . وقال - تعالى -: {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} [البقرة: 146] . في موضعين من القرآن؛ أحدهما في التوحيد والقرآن، والآخر في القبلة، والقرآن، ومحمد. فقال في الأول: {قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون - الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون} [الأنعام: 19 - 20] . وهذا في سورة الأنعام، وهي مكية. وقال في سورة البقرة - وهي مدنية -: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون - ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين - الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون - الحق من ربك فلا تكونن من الممترين} [البقرة: 144 - 147]. وقال - تعالى -: {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين} [البقرة: 89] . وقال - تعالى -: {أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين} [الأنعام: 114] . وقال - تعالى -: {أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل} [الشعراء: 197] . وقال - تعالى -: {قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب} [الرعد: 43] . وقال - تعالى -: {وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق} [المائدة: 83] . وقال - تعالى -: {إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا - ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا} [الإسراء: 107 - 109] . وقال - تعالى -: {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين - أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون} [القصص: 52 - 54] . وقال - تعالى -: {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك} [يونس: 94]. انتهى.
وكذلك مما لم يذكره شيخ الإسلام ابن تيمية قوله تعالى: ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون {البقرة:101}.

   قال ابن كثير- رحمه الله- في تفسيره: أي: اطرح طائفة منهم كتاب الله الذي بأيديهم، مما فيه البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم، وراء ظهورهم، أي: تركوها، كأنهم لا يعلمون ما فيها، وأقبلوا على تعلم السحر واتباعه. انتهى.
وأما الأحاديث:

فمنها: ما أخرجه البخاري في صحيحه عن عطاء بن يسار، قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما-، قلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة؟ قال:"أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا} [الأحزاب: 45]، وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا".

ومنها ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده قال: حدثنا إسماعيل، عن الجريري، عن أبي صخر العقيلي، حدثني رجل من الأعراب، قال: جلبت جلوبة إلى المدينة، في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغت من بيعتي قلت: لألقين هذا الرجل فلأسمعن منه، قال: فتلقاني بين أبي بكر، وعمر يمشون، فتبعتهم في أقفائهم، حتى أتوا على رجل من اليهود ناشرا التوراة يقرؤها، يعزي بها نفسه على ابن له في الموت، كأحسن الفتيان وأجمله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنشدك بالذي أنزل التوراة، هل تجد في كتابك ذا صفتي، ومخرجي؟" فقال برأسه هكذا، أي: لا، فقال ابنه: إي والذي أنزل التوراة، إنا لنجد في كتابنا صفتك، ومخرجك، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فقال:"أقيموا اليهود عن أخيكم"، ثم ولي كفنه، وجننه، والصلاة عليه.

قال ابن كثير في تفسيره: هذا حديث جيد، قوي، له شاهد في الصحيح، عن أنس. انتهى.
وقد ذكر شيخ الإسلام في الجواب الصحيح، بعض الأحاديث في هذا فقال رحمه الله: وفي الصحيحين من حديث ابن عباس، عن أبي سفيان بن حرب، لما حدثه عن هرقل - وقد تقدم حديثه في أول الكتاب - وذكر فيه أن هرقل لما سأله عن صفات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن يكن ما تقول حقا، إنه نبي، قد كنت أعلم أنه خارج، ولم أكن أظنه منكم، ولو أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه. وزاد البخاري في حديثه، وقال ابن الناطور: وكان هرقل حزاء ينظر في النجوم، فنظر فقال: إن ملك الختان قد ظهر، فمن يختتن من هذه الأمة؟ قال: تختتن اليهود، فلا يهمنك شأنهم، وابعث إلى من في مملكتك من اليهود فيقتلوهم. ثم وجد إنسانا من العرب فقال: انظروا أمختتن هو؟ فنظروا فإذا هو مختتن، وسأله عن العرب، فقال: يختتنون. وقال فيه: وكان برومية صاحب له، كان هرقل نظيره في العلم، فأرسل إليه، وصار إلى حمص، فلم يرم من حمص حتى أتاه كتاب من صاحبه يوافق رأيه على خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه نبي. وكذلك النجاشي ملك الحبشة، لما هاجر الصحابة إليه، لما آذاهم المشركون وخافوا أن يفتنوهم عن دينهم، وقرءوا عليه القرآن، قال: فأخذ عودا بين أصبعيه، فقال: ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود، فتناخرت بطارقته، فقال: وإن نخرتم. اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي. يعني أنتم آمنون. وقال هذا؛ لأن قريشا أرسلوا هدايا إليه، وطلبوا منه أن يرد هؤلاء المسلمين، وقالوا: " هؤلاء فارقوا ديننا، وخالفوا دينك". وفي الصحيح، حديث ورقة بن نوفل الذي ترويه عائشة - رضي الله عنها - في بدء الوحي، قالت: أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصادقة من النوم، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد - إلى أن قالت - فأتت به خديجة، ورقة بن نوفل، وكان قد تنصر في الجاهلية، وكان يكتب من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب، فقالت: اسمع من ابن أخيك فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبر ما رأى، فقال ورقة: هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى، ليتني كنت جذعا أنصرك إذ يخرجك قومك، قال: أومخرجي هم؟ قال: لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا " ثم لم ينشب ورقة أن توفي. وقال ابن إسحاق: وقدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرون رجلا - أو قريب من ذلك - وهو بمكة من النصارى حين ظهر خبره بالحبشة، فوجدوه في المجلس فكلموه، وسألوه ورجال من قريش في أنديتهم. فلما فرغوا من مسألتهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما أرادوا، دعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الله - عز وجل - وتلا عليهم القرآن، فلما سمعوا فاضت أعينهم من الدمع، ثم استجابوا له، وآمنوا به، وصدقوه، وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من أمره، فلما قاموا من عنده اعترضهم أبو جهل في نفر من قريش، فقالوا: خيبكم الله من ركب، بعثكم من وراءكم من أهل دينكم لترتادوا لهم، فتأتوهم بخبر الرجل، فلم تطمئن مجالسكم عنده حتى فارقتم دينكم، وصدقتموه بما قال لكم؟ ! ما نعلم ركبا أحمق منكم - أو كما قالوا لهم - فقالوا: " سلام عليكم لا نجاهلكم، لنا أعمالنا، ولكم أعمالكم". ويقال: فيهم نزل قوله تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين} [القصص: 52] . انتهى.
 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى