حكم من عفا عمن ظلمه وعمن سيظلمه إذا طالب بحقه ممن ظلمه بعد ذلك

0 180

السؤال

سؤالي‎-‎حفظكم الله‎-‎أني عفوت عن ‏كل من ظلمني، وكل من سيظلمني، ‏وأشهدت الله، وأشهدت حملة ‏عرشه، وملائكته، وجميع خلقه على ‏ذلك. هل إن أخذت حقي من ظالم أأثم ‏على ذلك؟
وهل هناك حنث في ذلك؟ وهل تجب ‏الكفارة؟
تعبت في ذلك.
أفيدوني حفظكم الله.‏

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد أحسنت عندما عفوت عن كل من ‏ظلمك في الماضي، وأنت مأجور ‏على ذلك إن شاء الله تعالى، فقد قال ‏الله تعالى: فمن عفا وأصلح فأجره على الله {الشورى:40}. ‏
وإذا كنت تقصد بالعفو إسقاط ما لك ‏من الحق على الناس، فإن تلك ‏الحقوق تسقط إذا كانت تقبل ‏السقوط، ولا يمكنك بعد ذلك أن ‏تطالب بها. ‏
‏ جاء في درر الحكام، شرح مجلة ‏الأحكام في الفقه الحنفي: (الساقط لا ‏يعود) يعني إذا أسقط شخص حقا من ‏الحقوق التي يجوز له إسقاطها، ‏يسقط ذلك الحق، وبعد إسقاطه لا ‏يعود. اهـ.‏
وجاء في المغني لابن قدامة: فصل: ‏وإذا كان له في ذمة إنسان دين، ‏فوهبه له، أو أبرأه منه، أو أحله ‏منه، صح، وبرئت ذمة الغريم منه، ‏وإن رد ذلك، ولم يقبله؛ لأنه إسقاط، ‏فلم يفتقر إلى القبول، كإسقاط ‏القصاص، والشفعة، وحد القذف، ‏وكالعتق، والطلاق.

وإن قال: ‏تصدقت به عليك، صح؛ فإن القرآن ‏ورد في الإبراء بلفظ الصدقة، بقول ‏الله تعالى: {ودية مسلمة إلى أهله إلا ‏أن يصدقوا}. وإن قال: عفوت لك ‏عنه، صح؛ لأن الله تعالى قال: {إلا ‏أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة ‏النكاح}. يعني به الإبراء من ‏الصداق. وإن قال: أسقطته عنك. ‏صح؛ لأنه أتى بحقيقة اللفظ ‏الموضوع له. وإن قال: ملكتك إياه. ‏صح؛ لأنه بمنزلة هبته إياه. اهـ.‏
وأما عفوك عمن سيظلمك، فإنه لا ‏يصح، ولا يفيد من عفوت عنه إذا ‏كان قبل وقوع الظلم؛ لأنه تنازل عن ‏شيء لم يجب لك، وإسقاط لحق قبل ‏استحقاقه، أو وجوبه؛ وانظر الفتوى ‏رقم: 215356.
ولذلك، فإن أخذك لحقك من ظالم قد ‏عفوت عنه من قبل، لا يجوز؛ لأن ‏حقك سقط بالعفو عنه، وأما أخذك ‏لحقك ممن سيظلمك بعد ذلك، فإنه لا ‏حرج فيه؛ لأنه لم يتناوله العفو ‏السابق عليه كما رأيت. ‏
والله أعلم.‏
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة