علة إفراد الله بالعبادة دون سواه

0 236

السؤال

لماذا العبادة حق الله على العباد؟ ولماذا ليست حقا لسواه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فالعبادة حق الله وحده على جميع خلقه، لأجلها خلقهم كما قال سبحانه: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون {الذاريات:56}، وإنما استحق الله العبادة دون غيره لكونه المنعم على عباده بجميع النعم الظاهرة والباطنة، فهو الذي خلقهم وهو الذي يرزقهم ويعافيهم، فلا يستقيم في عقل ولا شرع أن يعبد غير من خلق ورزق، قال الله تعالى: يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون {البقرة:21}، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: وجوب العبادة علينا مما يقتضيه العقل بالإضافة إلى الشرع؛ لقوله تعالى: {اعبدوا ربكم}، فإن الرب عز وجل يستحق أن يعبد وحده، ولا يعبد غيره، ومن طريق القرآن أنه إذا ذكر الحكم غالبا ذكر العلة؛ الحكم: {اعبدوا ربكم}، والعلة: كونه ربا خالقا لنا، ولمن قبلنا. انتهى بتصرف. وإنما استحق الله العبادة دون غيره ولم يستحق غيره شيئا منها لأن له الكمال المطلق من كل وجه، فهو سبحانه له الأسماء الحسنى والصفات العلا، موصوف بكل صفة كمال، ومنزه عن كل نقص، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، ومن ثم استحق أن يفرد بالعبادة عقلا وشرعا وفطرة، وكان صرف شيء منها لغيره شركا لا يغفره الله؛ لأنه تشبيه للناقص من كل وجه بالكامل من كل وجه، يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ: ومن خصائص الإلهية: الكمال المطلق من جميع الوجوه الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وذلك يوجب أن تكون العبادة كلها له وحده، والتعظيم والإجلال والخشية والدعاء والرجاء والإنابة والتوبة والتوكل والاستعانة، وغاية الذل مع غاية الحب، كل ذلك يجب عقلا وشرعا وفطرة أن يكون له وحده، ويمتنع عقلا وشرعا وفطرة أن يكون لغيره، فمن جعل شيئا من ذلك لغيره فقد شبه ذلك الغير بمن لا شبيه له ولا مثيل ولا ند له، وذلك أقبح التشبيه وأبطله، ولشدة قبحه وتضمنه غاية الظلم أخبر سبحانه عباده أنه لا يغفره، مع أنه كتب على نفسه الرحمة. انتهى. والحاصل أن أدلة الشرع والعقل والفطرة متظاهرة على وجوب إفراد الرب تعالى بالعبادة دون ما سواه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة