توضيحات حول آية (ولو بسط الله الرزق لعباده..)

0 198

السؤال

فضيلة المشايخ،
أما بعد فيقول الله سبحانه وتعالى: (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير) فهل هذه الآية عامة على كل الناس؟ أم قد يستثني الله بعضا من عباده لمن يريد بسط الرزق تسهيلا للوصول لعليين؟ فقد أثرت منغصات العيش حتى على ديني وجودة صلاتي، وما فرض الله علي، وإني لاحظت في نفسي ـ والله أعلم ـ أني كلما تنعمت حسن ديني واجتهدت في الطاعات، فهل من الممكن إن علم الله أن بسط الرزق لي خير لي في ديني بعد أن أكون قد أتممت ما علي من بلاء أن يبسطه لي ويعافيني من منغصات العيش، وقد سئل الشافعي ـ رحمه الله ـ و الرواية بالمعنى هل الممكن الشاكر خير أم المبتلى الصابر؟ فقال: لا يمكن حتى يبتلى، وإلا فما الحل؟ أأبقى أتخبط بالمعاصي وأقصر في الطاعات كلما اشتد علي البلاء وأرهقتني الكآبة وحالي صعب؟ ولا تظنوا بي سوءا فإني وإن عصيت أو قصرت لا أبلغ الفسق، ولا أنا ممن يعبد الله على حرف، لكن تعبت وأتشوف إلى منزلة رفيعة في الآخرة، وهذه الذنوب لا تنبغي لأهل عليين، مع الاعتراف أني لست من الزاهدين، لكن الله يقول: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة).

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالآية عامة في كل عباده سبحانه وتعالى ، قال ابن عاشور ـ رحمه الله ـ في تفسيره: وقد وردت هذه الآية موردا كليا لأن قوله لعباده يعم جميع العباد، ومن هذه الكلية تحصل فائدة المسئول عليه الجزئي الخاص بالمؤمنين مع إفادة الحكمة العامة من هذا النظام التكويني، فكانت هذه الجملة بهذا الاعتبار بمنزلة التذييل لما فيها من العموم، أي أن الله أسس نظام هذا العالم على قوانين عامة وليس من حكمته أن يخص أولياءه وحزبه بنظام تكويني دنيوي ولكنه خصهم بمعاني القرب والرضا والفوز في الحياة الأبدية. انتهى.
وأما سؤالك: هل من الممكن إن علم الله أن بسط الرزق خير لك في دينك أن يبسطه لك؟ فالجواب: نعم من الممكن، وما قدره الله لك وما سيقدره هو خير لك، وهذا من معنى هذه الآية، فقد قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسيره: وقوله: {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض} أي: لو أعطاهم فوق حاجتهم من الرزق، لحملهم ذلك على البغي والطغيان من بعضهم على بعض، أشرا وبطرا.
وقال قتادة: كان يقال: خير العيش ما لا يلهيك ولا يطغيك، وذكر قتادة حديث: "إنما أخاف عليكم ما يخرج الله من زهرة الحياة الدنيا" وسؤال السائل: أيأتي الخير بالشر؟ الحديث.
وقوله: {ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير} أي: ولكن يرزقهم من الرزق ما يختاره مما فيه صلاحهم، وهو أعلم بذلك فيغني من يستحق الغنى، ويفقر من يستحق الفقر، كما جاء في الحديث المروي: "إن من عبادي لمن لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقرته لأفسدت عليه دينه، وإن من عبادي لمن لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه". انتهى.
وأما الحل مما أنت فيه من الفقر، فيكون بتوطين النفس على الصبر والالتجاء إلى الله والإكثار من الدعاء والصلاة وقراءة القرآن؛ فإن الخير كل الخير في دعاء الله دعاء عبادة ودعاء طلب، وسؤال أن يوسع الله لك في الرزق وأن يجعله لك عونا على طاعته وحسن عبادته. وراجع هذه الفتاوى التالية أرقامها: 66358، 17831، 241780.
 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات