حكم أخذ المصرف عمولة مقابل حفظه للمال مع استخدامه له في استثمارات خاصة به

0 159

السؤال

أود السؤال عن فكرة إقامة مصرف للمال؛ وظيفته حفظ المال وتوفير السيولة، على أن يضع صاحب المال المال في المصرف، ويدفع نسبة مئوية من القيمة المودعة في المصرف مقابل خدمة الحفظ، مثلا: عن كل 10000 دينار يدفع دينارا واحدا خدمة (0.01 %)، فهل في ذلك حرج شرعي؟ مع العلم أن المصرف سيستخدم المال (السيولة) في استثمارات خاصة به.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 ففكرة إقامة مصرف للمال وظيفته حفظ المال وتوفير السيولة: لا حرج فيه من حيث الأصل، لكن لا بد من مراعاة الضوابط في التعاملات المالية مما يقتضي وجود هيئة رقابة شرعية على علم وورع؛ لتمنع ما لا يجوز، وتقر ما هو مشروع؛ فالعمل في ذلك المجال تحفه كثير من المحاذير التي لا بد من تجنبها تفاديا للوقوع في الحرام والربا.

وأما مسألة وضع صاحب المال ماله في المصرف مع إلزامه يدفع نسبة مئوية من القيمة المودعة في المصرف مقابل خدمة الحفظ: فإن كان المصرف لا يستخدم هذه الأموال، وإنما يضعها في صناديق مغلقة، فلا حرج في ذلك، وهذه الوديعة الشرعية، ولا حرج في أخذ أجرة على هذا الحفظ، سواء كانت مبلغا مقطوعا أو نسبة.

وإن كان المصرف سيستخدم المال في استثمارات خاصة به، مع ضمان المال ورد بدله عند الطلب، فهذا قرض، فإن أخذ المصرف نسبة أو مبلغا مقطوعا، فهذا من الظلم، وأكل المال بالباطل؛ لأن المصرف (وهو المقترض) سينتفع بالمال، ويريد مع ذلك رسوما، ولا وجه لهذه الرسوم إلا إن كان المصرف سيوفر للعميل خدمات تحتاج إلى رسوم.

قال الدكتور/ أحمد بن عبد العزيز الحداد -مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي-: (هذا فيه نظر؛ لأن حقيقة ذلك كونه قرضا للمصرف، وتلك هي حقيقة الحساب الجاري وفق ما جاء القاموس الاقتصادي لمحمد علية (المراد بالحساب الجاري (Current Account): المال المودع لدى البنك بحيث يتصرف فيه مع ضمانه، ويحق لصاحبه سحبه في أي وقت شاء).

فالحساب الجاري: هو قرض حقيقة؛ أي: يدخل في ملك المصرف، ويكون مضمونا عليه، وهو يستغله في مصالحه الخاصة، ولا يعطي صاحبه ربحا، فيكون فرض المصرف رسوما على ما هو في ملكه فيه نظر لا يخفى.

وأما لو كانت هنالك رسوم فعلية مقابل ما يقدمه المصرف من خدمات وتسهيلات للمودع -بكسر الدال- من تمكينه من سحب الوديعة من فروع بعض البنوك أو الأجهزة التابعة للمصرف، ونحو ذلك مما يتطلب رسوما: فلا بأس به، لكن ليس مقابل مجرد حفظ المال، والحقيقة أن المصرف ينتفع بالوديعة، ويستثمرها، وتدخل في ملكه وضمانه، فتكون دينا عليه).


والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات