تفسير: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ

0 172

السؤال

لقد خاصمني أحد كبار السن في المسجد؛ لأنه يريد أخذ مكان خلف الإمام في الصف الأول بالقوة، حتى وإن سبقته إليه، علما بأنه رجل ضرير.
وهل "السابقون السابقون" هم الذين يتسابقون إلى الصف الأول؟ لأنه انتشر في مسجدنا حديثا عن رسول الله قال فيه -في ما معناه-: إن السابقين السابقين هم الصف الأول.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فلا يحق لذلك الرجل أن يقيمك من المكان ما دمت قد سبقته إليه، وقد روى مسلم من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يقيمن أحدكم الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه. اهـ.
قال النووي في شرحه: هذا النهي للتحريم، فمن سبق إلى موضع مباح في المسجد وغيره يوم الجمعة أو غيره لصلاة أو غيرها فهو أحق به، ويحرم على غيره إقامته؛ لهذا الحديث. اهـ.

ولا يلزمك شرعا أن تقوم وتترك له المكان، بل يكره لك ذلك عند بعض الفقهاء لما فيه من الإيثار بالقرب، وانظر الفتوى رقم: 59691 عن حكم الإيثار بالقرب.
وأما قوله تعالى: { والسابقون السابقون أولئك المقربون } فلم يرد حديث عن النبي --صلى الله عليه وسلم- فيما نعلم- يبين أن المقصود به المسابقة إلى الصف الأول على وجه الخصوص، ولم نر من أهل العلم من ذكر في تفسيرها حديثا مرفوعا في هذا، ولكن ورد عن بعض السلف أن المراد بهم أول الناس ذهابا إلى المسجد، قال ابن كثير في تفسيره بعد ذكره لعدة أقوال في تفسيرها، وأن من تلك الأقوال: أنهم هم الأنبياء -عليهم السلام-، وقيل: هم أهل عليين. وقيل: الذين صلوا إلى القبلتين، ثم قال: وقال الأوزاعي عن عثمان بن أبي سودة أنه قرأ هذه الآية: {والسابقون السابقون أولئك المقربون} ثم قال: أولهم رواحا إلى المسجد، وأولهم خروجا في سبيل الله، وهذه الأقوال كلها صحيحة؛ فإن المراد بالسابقين هم المبادرون إلى فعل الخيرات كما أمروا، كما قال تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض [آل عمران: 133]، وقال تعالى: سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض [الحديد: 21]، وقال: فمن سابق في هذه الدنيا وسبق إلى الخير كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة، فإن الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان. اهـ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات