قول السدي في قوله تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، هو الأظهر

0 139

السؤال

أنا لا أتفق مع قول السدي الذي قال.
قال السدي: وهي كقوله تعالى: في آخر السورة: وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك {المائدة: 116}. فجعلوا الله ثالث ثلاثة بهذا الاعتبار.
فأنا أقول: لا، بل هي كقوله تعالى: (لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون) فجعلوا الله ثالث ثلاثة، بهذا الاعتبار.
فما رأيك أيها الشيخ؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالآية التي عناها السدي هي قوله تعالى: لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة {المائدة:73}. فقال رحمه الله: هي كقوله تعالى: {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك}. اهـ.

  وما قاله السدي هو الظاهر من الآيتين، وقد روى الطبري أن مجاهدا قد وافق السدي في قوله هذا، وهو الذي استظهره ابن كثير في تفسيره، ونقله لدفع قول غريب قيل في قوله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة}.

حيث قال ابن كثير رحمه الله: وقوله: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسن الهستجاني، حدثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم، حدثنا الفضل، حدثني أبو صخر في قول الله: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} قال: هو قول اليهود: {عزير ابن الله} وقول النصارى: {المسيح ابن الله} [التوبة:30] فجعلوا الله ثالث ثلاثة. وهذا قول غريب في تفسير الآية: أن المراد بذلك طائفتا اليهود والنصارى، والصحيح: أنها أنزلت في النصارى خاصة، قاله مجاهد، وغير واحد. ثم اختلفوا في ذلك فقيل: المراد بذلك كفارهم في قولهم بالأقانيم الثلاثة، وهو أقنوم الأب، وأقنوم الابن، وأقنوم الكلمة المنبثقة من الأب إلى الابن، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا، قال ابن جرير وغيره: والطوائف الثلاث من الملكية، واليعقوبية، والنسطورية تقول بهذه الأقانيم. وهم مختلفون فيها اختلافا متباينا ليس هذا موضع بسطه، وكل فرقة منهم تكفر الأخرى، والحق أن الثلاث كافرة. وقال السدي وغيره: نزلت في جعلهم المسيح، وأمه إلهين مع الله، فجعلوا الله ثالث ثلاثة بهذا الاعتبار، قال السدي: وهي كقوله تعالى في آخر السورة: {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك} الآية [المائدة:116] . وهذا القول هو الأظهر. انتهى.
وأما ما ذكرته –أنت- من أن قوله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة}.{المائدة:73}. كقوله: {لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون}{النساء:172}،الآية. فبعيد جدا، وذلك أن كل آية تتحدث عن قضية مختلفة عن الأخرى.

فالأولى تتحدث عن كفر من قال إن الله ثالث ثلاثة -تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا-، والآية الأخرى تتحدث عن عدم استكبار المسيح عليه السلام، والملائكة المقربين عن عبادة الله تعالى.

قال الطبري رحمه الله: يعني جل ثناؤه بقوله: "لن يستنكف المسيح"، لن يأنف ولن يستكبر المسيح"أن يكون عبدا لله"، يعني: من أن يكون عبدا لله ... وأما قوله: "ولا الملائكة المقربون"، فإنه يعني: ولن يستنكف أيضا من الإقرار لله بالعبودية، والإذعان له بذلك، رسله "المقربون"، الذين قربهم الله، ورفع منازلهم على غيرهم من خلقه. انتهى.

وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتوى: 109433.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات