كيف تتعامل المرأة مع أم زوجها التي تؤذيها

0 129

السؤال

ابتليت بجارة وهي حماتي، وتظن أنه لا يوجد أتقى منها! لكنها تؤذيني منذ أكثر من أربع سنوات بلسانها، وتفسد علي زوجي، وهي أساس كل المشاكل بيننا. فماذا يقول الشرع في هذه المرأة؛ حيث إنني لا آمن شرها أبدا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فقد صح من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رجل: يا رسول الله، إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها، وصيامها، وصدقتها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها! قال: هي في النار. قال: يا رسول الله، فإن فلانة يذكر من قلة صيامها، وصدقتها، وصلاتها، وإنها تصدق بالأثوار من الأقط، ولا تؤذي جيرانها. قال: هي في الجنة. رواه الإمام أحمد، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي.

فهذا فيه وعيد شديد لمن لم يأمن جاره بوائقه؛ أي: شره، وإن كان في حقيقة الأمر من العبادة بمكان، ولذلك جاء في الحديث: لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه. رواه مسلم، وغيره.

ولا يمكن أن يكون الواحد تقيا وهو يؤذي جيرانه، ويسعى بينهم بالفساد، فإن ذلك والتقوى لا يجتمعان، وقد روى الحاكم، وغيره من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله يعطي المال من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب؛ فمن أعطاه الله الإيمان فقد أحبه، والذي نفس محمد بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه، ولا يسلم عبد حتى يأمن جاره بوائقه. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.

وفي الحديث الآخر عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: الجار، جار لا يأمن جاره بوائقه قالوا: يا رسول الله، وما بوائقه؟ قال: شره. رواه أحمد، وغيره، وقال محقق المسند: إسناده صحيح على شرط مسلم.

ومع هذا كله؛ فإنا نوصيك بالصبر على أذى أم زوجك، وأن تقابلي إساءتها بالإحسان، وسوف ترين أثر ذلك عليها وعلى حياتك -إن شاء الله-؛ فإن ذلك من أقوى أسباب دفع العداوة وتحصيل المودة، كما قال الله -جل وعلا-: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم {فصلت:34}.

وفي الحديث: ثلاثة أقسم عليهن، وأحدثكم حديثا فاحفظوه: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا... الحديث. رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة:أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. ومعنى "تسفهم المل" كما قال النووي: [كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الألم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، ولا شيء على هذا المحسن، بل ينالهم الإثم العظيم في قطيعته وإدخالهم الأذى عليه. وقيل: معناه: إنك بالإحسان إليهم تخزيهم وتحقرهم في أنفسهم لكثرة إحسانك وقبيح فعلهم من الخزي والحقارة عند أنفسهم كمن يسف المل]. اهـ.

وراجعي في ذلك -للأهمية- الفتويين: 79001، 194763.

شرح الله صدوركما، وأصلح بينكما، وقرب قلوبكما، وجمعكما في نعيمي الدنيا والآخرة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة