إكثار الرجل من الكلام مع زوجته في أمر الزواج من ثانية

0 403

السؤال

تزوجت منذ ثمانية أشهر، وقبل الزفاف ،وبعد عقد القران كان زوجي يذكر لي أنه لن يجد أفضل مني كزوجة في الأدب، والدين، والأخلاق، والعقل، ولكنه كان يريد مواصفات جمالية أخرى، مع العلم أنني جميلة، ولكنه يريد مواصفات أخرى، فطلبت منه أن يتركني إذا كان غير مقتنع بي، وقلت له: إنه إذا أكمل معي هكذا فسيظلمني، فرفض، وقال: إنه لن يجد أفضل مني، وفي اليوم الثاني بعد الزفاف ذكر لي الزوجة الثانية، وأصبحنا هكذا دائما، يتخيل الزوجة الثانية على جميع الأحوال، وفي غرفة النوم؛ فكنت في ضيق شديد من هذا الموضوع؛ لأنني ما زلت عروسا، ومن حقي أن يشعرني أنه يراني، ولا يرى غيري، صحيح أن الله أحل زواج الثانية، ولكنني لا أتوقعه بهذا الأسلوب، وبعد ثلاثة أشهر طلب من والدته أن تبحث له عن ثانية، ويقول عني لوالدته: إنه لن يستغني عني، ولن يجد أفضل مني، ولكن هناك شيء في نفسه يريده، ولما علمت بالموضوع ـ ولم أكن حاملا وقتها ـ طلبت الانفصال؛ لأن الوضع أصبح لا يطاق، فحقوقي بعد الزواج -وأنا وحدي- لم تصلني، فكيف مع ثانية؟ فكان رده أنه يريدني، وسيمحو فكرة الزوجة الثانية إلى الأبد، وبعدها رزقني الله بحمل، وبعد شهرين من الحمل ذكر لي وأرسل والده ليتكلم مع والدي بأنه يريد الزواج مرة ثانية، وهذا شيء أحله الله، وأنه لا يعمل الحرام، وأنا متضايقة جدا الآن؛ لأنني لا أريد لابنتي أن تتربى وأمها وأبوها منفصلان، وفي نفس الوقت مشاعري تجاه زوجي تغيرت كثيرا، فلم أعد أثق به.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنك لم تذكري سؤالا معينا، وما ذكرت عن زوجك من تصرفات لا شك في كونها سيئة، وفيها نوع من سوء العشرة، عكس ما جاء به الشرع من أمره الأزواج بحسن العشرة مع زوجاتهم، قال تعالى: وعاشروهن بالمعروف {النساء:19}، وفي الحديث المتفق عليه، واللفظ لمسلم، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: استوصوا بالنساء خيرا.

والزواج من ثانية مباح شرعا لمن كان قادرا على العدل، كما قال الله عز وجل: فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة{النساء:3}.

ولكن لا ينبغي أن يجعل الزوج الكلام في أمر الزواج من ثانية سيفا مسلطا على المرأة يوقعها بسببه في الضيق، والحرج، فمن الأدب مراعاة مشاعر الآخرين، وهو مع الزوجة أولى؛ لما جعل الله بينها وبين زوجها من هذا الرباط العظيم الذي قال الله تعالى عنه: وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا {النساء:21}.

وإذا قدر لزوجك أن مضى في الأمر، وتزوج من ثانية، فاجتهدي في أن تهوني الأمر على نفسك، وأن تستحضري أن الزواج من أخرى لا يقتضي الحط من قدر المرأة، ومقامها عند زوجها، فقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عددا من النساء بعد عائشة ـ رضي الله عنها ـ وهي من أحب النساء إليه، ومن مصلحة ابنتكم -كما ذكرت- أن تفتح عينيها على هذه الحياة مع أبوين متوافقين، فالطلاق له آثاره السلبية على الأولاد في الغالب.

ويحرم شرعا على المرأة أن تطلب من زوجها الطلاق لمجرد زواجه من أخرى، وسبق لنا بيان الحديث الوارد بهذا الخصوص والمسوغات الشرعية لطلب المرأة الطلاق، فراجعي الفتوى رقم: 37112.

وإذا انتقصك زوجك شيئا من حقك، فهنالك السبل المشروعة للحصول على هذا الحق، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 19346.

وفي نهاية المطاف إذا ضاق بك الحال، وساءت العشرة، وتضررت ضررا بينا من المقام معه، ولم يكن بد من الفراق، فلك الحق في طلب الطلاق؛ دفعا للضرر عن نفسك، وعسى الله أن ييسر لك من الأزواج من تسعدين معه، قال تعالى: وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما {النساء:130}.

قال القرطبي في تفسيره: أي: وإن لم يصطلحا، بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة