رمي البضاعة التالفة من ورثة أحد الشريكين

0 169

السؤال

الوالد قبل وفاته كان له صديق يعمل معه في التجارة، واشترك معه في تجارة أساور نسائية بلاستيك، ولم يوفقا فيها، وبقيت مكدسة 35 سنة إلى أن توفي الوالد, وبعد ثلاث سنوات رميت هذه البضاعة في الحاوية؛ لأنه كان منها التالف غير القابل للبيع، وبعد مرور 15 سنة من وفاة الوالد طالبنا صديقه بالمبلغ الذي شاركه به, مع أن البضاعة لم تبع بسبب نوعيتها القديمة، فهل له الحق أن يطالبنا

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فكان ينبغي بعد وفاة الوالد أن تحددوا موقفكم من تلك الشراكة بالاستمرار فيها، أو قسمة تلك البضاعة، قال ابن قدامة في المغني: فإن مات أحد الشريكين, وله وارث رشيد, فله أن يقيم على الشركة, ويأذن له الشريك في التصرف، وله المطالبة بالقسمة, فإن كان موليا عليه قام وليه مقامه في ذلك.

أما رمي البضاعة في الحاوية: فلم يتبين لنا المقصود به، والذي يظهر أن الرمي المذكور كان على وجه التخلص منها مما يستلزم تلفها، أو ضياعها.

وعلى ذلك، فإن كان رميها قد تم برضا صديق والدكم، فليس له مطالبتكم بشيء بعد ذلك، أما إن كنتم قد رميتموها دون رضاه، فهذا تعد منكم على نصيبه فيها، حتى وإن كان منها غير القابل للبيع، ونحو ذلك، وحينئذ يلزمكم أن تضمنوا لذلك الشخص نصيبه من البضاعة، جاء في الموسوعة الفقهية: لا يختلف الفقهاء في ضمان نقص الأموال بسبب الغصب، أو الفعل الضار، أو الإتلاف، أو نحوها، سواء أكان ذلك النقص عمدا، أم خطأ، أم تقصيرا.

وجاء فيها أيضا: لا نعلم خلافا في أن المتلف إن كان مثليا ضمن بمثله, وإن كان قيميا ضمن بقيمته، كما لا نعلم خلافا في أن تقدير القيمة يراعى فيه مكان الإتلاف، وأما إذا فقد المثلي, بأن لم يوجد في الأسواق، فقد اتفق الفقهاء كذلك على أنه يعدل عن المثلي إلى القيمة، ولكنهم اختلفوا في تقديرها، أيراعى وقت الإتلاف, أم وقت انقطاعها عن الأسواق, أم وقت المطالبة, أم وقت الأداء؟ فأبو حنيفة اعتبر يوم الحكم, والمالكية، وأبو يوسف اعتبروا يوم الغصب إن كان مغصوبا، ويوم التلف إن لم يكن مغصوبا, ومحمد بن الحسن اعتبر يوم انقطاع المثل؛ لأنه وقت الانتقال من القيمة إلى المثل، وأما الشافعية، والحنابلة: فالأصح عندهم اعتبار أقصى ما بلغت قيمته ما بين التلف والأداء، وأما القيمي: فقد اتفقوا على أنه إذا لم تتغير قيمته من يوم إتلافه إلى يوم أدائه، فالعبرة بقيمته, بالغة ما بلغت، أما إذا تغيرت القيمة من يوم إتلافه إلى يوم أدائه، فهو على الخلاف المشار إليه في حالة انقطاع المثلي.

وننبهك إلى أن مثل هذه الأسئلة التي فيها نزاع، وخصومة لا تكفي فيها الفتوى عن بعد، لا سيما ما كان فيه اختلاف، وما يحتاج إلى بيان، وإيضاح، كحقيقة المثلي، والقيمي الذي مر في كلام الفقهاء؛ ولذا كان الأجدر في مثل هذه المسائل أن ترفع للقاضي الشرعي، أو يشافه بها أهل العلم في محلها، ويسمعوا من الطرفين، ويبينوا للعامي ما يلزمه شرعا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة