التائب من الذنب كمن لا ذنب له

0 883

السؤال

أنا عندي مشكلة كبيرة جدا، وشرحها طويل، فأرجو من حضراتكم سعة الصدر، وآسف على الإطالة:
أنا شاب عندي 33 سنة، لست متزوجا، وأنا عندي 19 سنة فعلت فاحشة كبيرة، وهي: أن مارست الجنس مع شاب مرتين (اللواط)، ولا أعلم كيف فعلت ذلك، يمكن بسبب حالة نفسية أو اجتماعية، لا أعرف ما السبب الحقيقي؟ بعدها ندمت ندما كبيرا على ما فعلت، ولن أفعلها مرة أخرى مهما حصل، لكن هذه الفاحشة سببت لي حالة نفسية واكتئابا، وبعد مرور 3 سنوات مما فعلت تقربت إلى الله، وشعرت براحة نفسية وذهب الاكتئاب. ولكن الآن رجعت أفكر في ما فعلت، وأتذكر هذه الفاحشة، ورجعت الحالة النفسية مرة أخرى والاكتئاب، مع أني طوال هذه السنين أفعل قدر ما أستطيع للتقرب إلى الله، ولكن الذنب الوحيد الذي أفعله هو أني في بعض الأحيان أفعل العادة السرية، وأعلم أنها خطأ، ودائما أدعو الله لكي أكف عنها، وليست هذه المشكلة الآن، ولكن سبب استذكاري هذه الفاحشة والحالة النفسية السيئة التي أنا فيها الآن أني سمعت شيخا يقول: إن الله سوف يجسم ويصور ما فعل الإنسان من ذنوب أمام الناس جميعا. فأصبح عندي إحساس أن الله سوف يفضح ما فعلته من ذنوب يوم الحساب أمام الناس! مع أني أعلم جيدا أن الله غفور رحيم، لكن لا أعرف لماذا عندي هذا الشعور؟! وشعور آخر أن ما أفعله الآن من تقرب إلى الله أفعله فقط لكي لا يفضحني الله يوم الحساب أمام الناس؛ لأنني بعد ما سمعت هذا الكلام أصبحت الآن أصلي قيام الليل، وأقرأ القرآن أكثر، ومع كل هذا أصبحت الآن لا أشعر بحلاوة الإيمان! وأشعر دائما أن الله سيفضحني يوم الحساب، ولا أعرف ما السبب؟! مع العلم أني قبل ما أسمع كلام الشيخ كنت متفائلا بأن الله سيغفر لي، وعندما كنت أفعل عبادة أو أعمل عملا صالحا كنت أشعر بسعادة بالغة. وأصبحت الآن أيضا كل ما أفعل خطأ أو ذنبا صغيرا أتذكر أن الله سوف يفضحني بهذه الفاحشة يوم الحساب، مع أني فعلت معاصي كثيرة، لكن دائما أخاف من هذا الذنب فقط أن يفضحني به الله يوم الحساب.
أرجوكم ساعدوني، وانصحوني؛ لأنني تعبت نفسيا، وثقتي بنفسي قليلة، وعندي شعور أن الناس كلهم أفضل مني، ولا أشعر بحلاوة الإيمان، وأخاف أن أكون أتقرب إلى الله أكثر فقط لكي لا يفضحني الله بهذه الفاحشة يوم الحساب!
وهل يبتلي الله المسلم الغير الملتزم بفعل معصية لكي يتقرب إليه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كنت قد تبت إلى الله تعالى توبة نصوحا فإن الله تعالى يتوب عليك، ويغفر ذنبك، ويمحو زلتك، فما دمت قد ندمت على هذا الجرم العظيم، وعزمت على عدم العودة إليه، فعليك أن تحسن ظنك بربك -تبارك وتعالى-، وتعلم أنه غفور رحيم، لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، كما قال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر:53}.

وبتوبتك هذه النصوح تصير كمن لم يذنب، كما قال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه. فلن يفضحك الله يوم القيامة، ولن يؤاخذك بهذا الذنب الذي قد تبت منه؛ فهون عليك، وأحسن ظنك بربك، واجتهد في الطاعات وفعل الخيرات؛ فإنها تكفر السيئات -بإذن الله-، كما قال تعالى: إن الحسنات يذهبن السيئات {هود:114}.

وربما كان من حكمة الله تعالى في ابتلائك بهذا الذنب أن يقربك منه بالتوبة، وأن يعرفك طريق الاستقامة، فاستمر مجتهدا في طاعتك، محسنا ظنك بربك -تبارك وتعالى-، راجيا الخير منه سبحانه، سائلا إياه عفوه ومغفرته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات