حكم مسامحة الظالم في الدنيا دون الآخرة

0 245

السؤال

هناك أشخاص ظلموني، وقاموا بسبي وشتمي أمام الناس؛ مما أزعجني وأثر على نفسيتي، وأنا سامحتهم في الدنيا، لكني غير مسامحة لهم في الآخرة، ودعوت الله وقلت: يا رب، إني تنازلت عن حقي في الدنيا وسامحتهم، ولكني لست مسامحتهم في الآخرة. فأنا تأذيت منهم وسامحتهم في الدنيا حتى لا أكون هاجرة لهم، ولكن في الآخرة لا؛ فأنا أريد أن يأخذ الله حقي منهم يوم لا ينفع مال ولا بنون، فأنا تأذيت منهم كثيرا، واهتزت ثقتي بنفسي بسببهم!
سؤالي: هل يصح أن أسامح من ظلمني في الدنيا دون الآخرة؟ أم لا بد أن أسامح في الدنيا والآخرة معا؟ وهل عدم مسامحتي لهم في الآخرة بسبب ظلمهم لي يعد حقا شرعيا لي؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فلا شك أن الأفضل في حقك العفو عمن أساء إليك أو ظلمك طلبا لمثوبة الله وعفوه عنك في الآخرة؛ فإن من عفا عفا الله عنه، ومن سامح سامحه الله، والجزاء من جنس العمل، قال الله تعالى: ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور {الشورى : 43}، وقال: والعافين عن الناس والله يحب المحسنين { آل عمران:134}، وقال تعالى: إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا {النساء:149}.
 فإن أردت عدم العفو والأخذ بحقك يوم القيامة فهذا لك، لكن كما قال بعض السلف: ما يفيدك أن يعذب الله أحدا لأجلك؟! مع ما يفوتك من أجر العفو لو عفوت.

أما كونك تسامحينه في الدنيا، وتأخذين حقك منه يوم القيامة: فهذا لا يستقيم؛ لأن المسامحة في الدنيا تقتضي تنازل المظلوم عن حقه، فإذا تنازل لم تكن هنالك تبعة على الظالم تلحقه في الآخرة، وهذا المعنى واضح في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم؛ إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه.

فقد حث -عليه الصلاة والسلام- الظالم على أن يتحلل من المظلوم حتى لا يؤاخذ في الآخرة.

وينبغي التنبه إلى أن عدم المسامحة لا تعني الهجر؛ فيمكن أن لا تسامحي من ظلمك لكنك لا تهجرينه فوق ثلاث؛ لأن الهجر فوق ثلاث محرم، بخلاف عدم المسامحة فليست محرمة، وإن كان الأولى خلافها.

ولمزيد الفائدة تراجع الفتاوى التالية أرقامها: 54580، 52437، 53141، 72777.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات