بناء ذي القرنين للسد بالإمكانات المتاحة.. شبهة وجوابها

0 150

السؤال

أحد الكفار قال لي إن إمكانية بناء حائط ذي القرنين مستحيلة، وذلك لأن في زمنه مستحيل أن تجمع كمية الحديد والنحاس المطلوبة وصهرهما (درجة حرارة صهر النحاس 1000 والحديد 1500) بفعل البشر فقط، فماذا يكون ردي عليه؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمما هو معروف ومقرر أن عدم العلم ليس علما بالعدم، فكوننا لا نعلم كيف تم جمع الحديد والنحاس الكافي لبناء السد، وكيف تم صهرها ـ لا يعني أن ذلك في حكم العدم أو المحال! ثم على افتراض أن هذا البناء كان خارقا للعادة في زمانه، فلا يبعد أن يكون ذو القرنين قد أوتي من العلم والقدرة ما يكون من باب الكرامة أو المعجزة، وذلك أن أهل العلم قد اختلفوا في كونه ملكا صالحا عادلا، أم نبيا مرسلا، أم ملكا من الملائكة، كما ذكر ذلك المؤرخون كابن كثير وغيره. وقال ابن حجر في (فتح الباري): قد اختلف في ذي القرنين فقيل: كان نبيا -كما تقدم- وهذا مروي أيضا عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وعليه ظاهر القرآن، وأخرج الحاكم من حديث أبي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا أدري ذو القرنين كان نبيا أو لا" وذكر وهب في المبتدإ أنه كان عبدا صالحا... وقيل: كان ملكا من الملائكة، حكاه الثعلبي، وهذا مروي عن عمر أنه سمع رجلا يقول: يا ذا القرنين. فقال: تسميه بأسماء الملائكة... وقيل: كان من الملوك، وعليه الأكثر. اهـ.

والخوارق ـ كما هو معروف ـ لا تقاس بالعادة، ومن ذلك أن الله تعالى ألان لداود عليه السلام الحديد، وأسال لابنه سليمان عليه السلام عين القطر (النحاس)، كما قال تعالى: {ولقد آتينا داوود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير {سبأ:10-11-12}، قال الشوكاني في (فتح القدير): المعنى: أسلنا له عين النحاس كما ألنا الحديد لداود. اهـ. وقال ابن الجوزي في (زاد المسير): قال المفسرون: أجرى الله تعالى: لسليمان عين الصفر حتى صنع منها ما أراد من غير نار، كما ألين لداود الحديد بغير نار. اهـ. 

وعلى أية حال فيكفينا أن الله تعالى قال في حق ذي القرنين: إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا {الكهف:84}، قال القرطبي: قال ابن عباس: من كل شيء علما يتسبب به إلى ما يريد، وقال الحسن: بلاغا إلى حيث أراد، وقيل: من كل شيء يحتاج إليه الخلق، وقيل: من كل شيء يستعين به الملوك من فتح المدائن وقهر الأعداء. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات