كيفية الاستفادة من الوقت لمن تعود على العزلة

0 195

السؤال

الوالدان كبيران في السن، ويخافان علي لأني مريض مرضا نفسيا، وهما منفصلان، ولا أرى إلا أبي، وأريد نصيحة وكتبا ومواعظ في قضية بر الوالدين؛ فكلما اشتد مرض أحدهما يجعلني أفكر في كيفية برهما أكثر، لكني أعلم أني مقصر في حقهما، الأب الذي أسكن معه، وخاصة الوالدة التي مصابة بمرض نفسي. الأب في كندا، والأم في كينيا.
وما حال من تعود العزلة؟ وهذا أفسدني خلقيا ودينيا، وقد كنت أقرأ القرآن كثيرا في العزلة، والآن قليل ما أفعله، وأقدمت على الدواء بالحبوب بدلا من الرقية فأصابني زيادة من الخمول والكسل.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله تعالى لك العافية مما تعاني منه، وأن يوفقك إلى بر والديك، والإحسان إليهما، وكسب رضاهما؛ فذلك من أعظم القربات، ومن أسباب خيري الدنيا والآخرة. ويتأكد البر والتلطف عند مرض أحدهما، كما قال تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما {الإسراء:23}، وقال تعالى: ووصينا الأنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير} {لقمان:14}.

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: رضى الرب في رضى الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين. رواه الترمذي، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي.

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن أراد الجهاد والخروج في جيش المسلمين: هل لك أم؟ قال: نعم. قال: فالزمها؛ فإن الجنة تحت رجلها. رواه أحمد، والنسائي، وابن ماجه. وفي رواية: ويحك، الزم رجلها فثم الجنة.

وروى الإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.

وفي مسند أبي يعلى، وصحيح ابن حبان، ومعجم الطبراني الكبير، عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صعد المنبر، فقال: آمين آمين آمين. قيل: يا رسول الله، إنك حين صعدت المنبر قلت: آمين آمين آمين. قال: إن جبريل أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان ولم يغفر له فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين. فقلت: آمين. ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين. فقلت: آمين. ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين. فقلت: آمين.

وأما عن العزلة: فعالجها بالبحث عن صحبة صالحة تتعاون معهم على التعلم والدعوة إلى الله تعالى، ومدارسة نصوص الوحيين وكتب التوحيد والفقه، وإن لم تجد رفقة صالحة فالعزلة أولى، ولكن يتعين عند العزلة أن تحذر الانهماك في الإنترنت والنظر في المواقع السيئة، بل احرص على سماع القرآن وكتب السنة، ودروس العلماء المسجلة، ومطالعة كتب التفسير وشروح كتب السنة وكتب الرقائق والسيرة؛ فقد قال نعيم بن حمادكان عبد الله بن المبارك يكثر الجلوس في بيته، فقيل له: ألا تستوحش؟ فقال: كيف أستوحش وأنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم-؟! (يقصد أنه مع أحاديثه صلى الله عليه وسلم وأخباره وأيامه).

وقال شفيق بن إبراهيم: قيل لابن المبارك: إذا صليت معنا لم لا تجلس معنا؟ قال: أذهب أجلس مع الصحابة والتابعين. قلنا له: ومن أين الصحابة والتابعون؟ قال: أذهب أنظر في علمي فأدرك آثارهم وأعمالهم، فما أصنع معكم؟ أنتم تغتابون الناس!!

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات