حكم قطع العمل لو طرأ عليه الرياء واسترسل معه ولم يدفعه

0 104

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.
جزاكم الله عنا خير الجزاء.
قرأت في أكثر من موضع كلام العلماء حول ما إن طرأ الرياء على العبد أثناء العمل، وقوة كلام من قال إنه إذا طرأ على العبد في عمل كالصلاة ولم يدفعه؛ فإنها تبطل بذلك. لكن ما أشكل علي هنا: هل على هذا أن الرياء لو طرأ على الإمام، وتيقن من استرساله معه، وعدم دفعه.
فهل عليه أن يقطع صلاته، ويستخلف غيره، وذلك لبطلان عمله هذا (صلاته)؟
أرجو التوضيح في هذه المسألة حيث أشكلت علي، وجزاكم الله خيرا كثيرا، وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم يوم القيامة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فان العمل الصالح لا يبطل إن دخله ابتداء بنية صالحة، وطرأ الرياء في أثناء العمل، بل يجب عليه أن يصرف خاطر الرياء عنه، ولا يلزم قطع العمل. واختلف في المسألة إن استرسل معه، ورجح الحافظ ابن رجب، أن العمل لا يحبط في هذه الصورة.

قال رحمه الله: واعلم أن العمل لغير الله أقسام: فتارة يكون رياء محضا بحيث لا يراد به سوى مرئيات المخلوقين؛ لغرض دنيوي كحال المنافقين في صلاتهم. قال الله عز وجل: ‏وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يرآؤون الناس {النساء142} وهذا الرياء المحض لا يكاد يصدر عن مؤمن في فرض الصلاة، والصيام، وقد يصدر في الصدقة الواجبة، والحج وغيرهما من الأعمال الظاهرة، والتي يتعدى نفعها، فإن الإخلاص فيها عزيز. وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط، وأن صاحبه يستحق المقت من الله، والعقوبة. وتارة يكون العمل لله، ويشاركه الرياء. فإن شاركه من أصله، فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه أيضا وحبوطه‏.‏ وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري، تركته وشركه.

وأما إن كان أصل العمل لله، ثم طرأت عليه نية الرياء، فلا يضره. فإن كان خاطرا ودفعه، فلا يضره بغير خلاف، فإن استرسل معه. فهل يحبط عمله أم لا يضره ذلك، ويجازى على أصل نيته؟ في ذلك اختلاف بين العلماء من السلف، قد حكاه الإمام أحمد، وابن جرير الطبري.

وأرجو أن عمله لا يبطل بذلك، وأنه يجازى بنيته الأولى، وهو مروي عن الحسن البصري وغيره.

وذكر ابن جرير أن هذا الاختلاف إنما هو في عمل يرتبط آخره بأوله كالصلاة، والصيام، والحج، فأما ما لا ارتباط فيه كالقراءة، والذكر، وإنفاق المال، ونشر العلم فإنه ينقطع بنية الرياء الطارئة عليه، ويحتاج إلى تجديد نية. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات