واجب من حلف ألا يفعل محرمًا مدة شهر ثم حلف أثناء الشهر أن يفعله

0 171

السؤال

ما حكم من حلف ألا يفعل محرما لمدة شهر ثم حلف في أثناء الشهر أن
يفعله؟ وإذا فعله فهل عليه كفارة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فإن ترك الحرام واجب للأبد ولا يتقيد ذلك بشهر فقط، بل يجب الاستمرار طيلة الحياة في البعد عنه؛ لقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون {آل عمران:102}، وقوله تعالى: ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا {الأحزاب:36}.

وفي الحديث: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه. رواه البخاري، ومسلم.

وإذا حلف الشخص على فعل الحرام الذي حلف على تركه ثم فعله فقد حنث في يمينه الأولى، وتلزمه الكفارة، واعلم أن من حلف على فعل الحرام يعتبر عاصيا بالحلف، ويجب عليه أن يحنث نفسه بالبعد عنه ويكفر عن يمينه؛ ففي تحفة المحتاج: (فإن حلف على ترك واجب أو فعل حرام عصى ولزمه الحنث); لأن الإقامة على هذه الحالة معصية (وكفارة). اهـ.

وقال الشيخ زكريا الانصاري في شرحه لمنهج الطلاب: (فإن حلف على) ارتكاب (معصية) كترك واجب عيني ولو عرضا وفعل حرام (عصى) بحلفه (ولزمه حنث وكفارة) لخبر الصحيحين {من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه}. اهـ.

وقال العراقي في طرح التثريب: قد ذكر أصحابنا أن اليمين تنعقد على الأحكام الخمسة فعلا وتركا; ولا تغير حكم المحلوف عليه، فإن حلف على فعل واجب أو ترك حرام فيمينه طاعة والإقامة عليها واجبة, والحنث معصية, وتجب به الكفارة, وإذا حلف على ترك واجب أو فعل حرام فيمينه معصية, ويجب عليه أن يحنث ويكفر, وإن حلف على فعل نفل كصلاة تطوع, وصدقة تطوع، فالإقامة عليها طاعة, والمخالفة مكروهة, وإن حلف على ترك نفل فاليمين مكروهة, والإقامة عليها مكروهة, والسنة أن يحنث, وعد الشيخ أبو حامد, وجماعة من هذا القبيل ما إذا حلف لا يأكل طيبا, ولا يلبس ناعما, وقال: اليمين عليه مكروهة، لقوله تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق}, واختار القاضي أبو الطيب أنها يمين طاعة لما عرف من اختيار السلف خشونة العيش، قال ابن الصباغ: يختلف ذلك باختلاف أحوال الناس، وقصودهم وفراغهم للعبادة، واشتغالهم بالضيق والسعة, وقال الرافعي، والنووي: وهذا أصوب. اهـ.

وفي شرح كنز الدقائق للزيلعي: (ومن حلف على معصية ينبغي أن يحنث ويكفر) أي: يجب عليه أن يحنث؛ لما روينا ولقوله عليه الصلاة والسلام: {لا نذر ولا يمين فيما لا يملك ابن آدم، ولا في معصية، ولا في قطيعة رحم} رواه النسائي، وأبو داود. وهو محمول على نفي الوفاء بالمحلوف عليه، ولأن البر معصية أيضا كالحنث لهتك حرمة الاسم، فيجب المصير إلى أخفهما إثما وهو الحنث؛ لأنه مرخص له شرعا بما روينا، وما يلزم من المعصية في البر ليس بمرخص له، فوجب الأخذ بالمرخص، ولأن في الحنث فوات البر إلى جابر، وفي البر لزوم المعصية بلا جابر، فيجب الحنث؛ لأن الفوات إلى خلف كلا فوات. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة